المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

81

ونستبعد منذ البدء من هذه الأحكام ما لا موضوع له في الفقه الإسلامي من قبيل افتراض وطن أو جنسيّة للشركة مستقلّ عن وطن أو جنسيّة الشركاء، لأنّ الإسلام لا يعترف من أساسه بتعدّد الأوطان أو تعدّد الجنسيّات، والوطن في باب القصر والإتمام أجنبيّ عن المعنى المقصود في المقام، فلا يبقى موضوع في المقام للبحث عن وطن الشركة أو جنسيّتها.

كما نستبعد من بحثنا منذ البدء التشكيك في إمكانيّة فرض شخصيّة كهذه لأمثال هذه الاُمور وممتلكات وذمم، لما اتّضح في ثنايا الأبحاث السابقة من اعتباريّة هذه الاُمور، والاعتبار سهل المؤونة.

ونحن فارغون أيضاً منذ البدء عن وجود بعض المصاديق لمثل هذه الاُمور الاعتباريّة في الفقه الإسلامي في الجملة، كما في ممتلكات الوقف، وملكيّة الزكاة للفقراء، وممتلكات منصب الإمامة أو الدولة، وامتلاك المسلمين مثلا للأراضي الخراجيّة، والوقف على الجهات.

وإنّما يقع الكلام في أنّ كلّما اعترف به عرف عقلائيّ اليوم من شخصيّات حقوقيّة وما تصوّروا من آثار وأحكام لهذه الشخصيّة من ملك أو ذمّة أو نحو ذلك هل بإمكاننا أن نثبّته بتخريج فقهيّ صحيح وفق أدلّة الفقه الإسلامي أوْ لا؟

ذهب الاُستاد مصطفى الزرقاء(1) إلى القول بصحّة هذه الشخصيّات الحقوقيّة وأحكامها حسب اُسس الفقه الإسلامي. وخلاصة منهجه في هذا البحث هي: أنّه يذكر أوّلا بعض المصاديق للشخصيّة المعنويّة في الفقه الإسلامي، ثمّ يذكر بعض المصاديق للشخصيّة الحقوقيّة والاعتراف بثبوت الأملاك والذمم لها في الفقه الإسلامي، ثمّ يستنتج من مجموع هذه الاُمور موافقة كلّ الشخصيّات


(1) راجع الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد 3: 300 - 309 الفقرة 183 - 187، و ص 324 - 326 الفقرة 193، و ص 334 - 335 الفقرة 198 بحسب الطبعة الخامسة.