المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

66

في البريء ولذا خصّت الحوالة بالحوالة على المدين، والحوالة بالمعنى الحقيقي لا تكون إلّا في الحوالة المطلقة، أي غير المقيّدة بالدَين، وتخريج الحوالة التي ذكروها إنّما هو تجديد الدَين لا المعنى الدقيق لحوالة الدَين، فهذا كلام لا محصّل له، فإنّ فرض كون الحوالة على المدين وفاءً حياديّ تجاه تفسيرها بالمعنى الدقيق للحوالة وتفسيرها بمعنى تجديد الدين، ولئن كان تفسيرها بمعنى الحوالة يؤدّي إلى الاستفهام عن أنّها لماذا تخصّ بالمدين؟ كذلك تفسيرها بتجديد الدَين يؤدّي إلى نفس الاستفهام، وهو أنّه لماذا تخصّ بالمدين؟

نعم، لو كان عنوان الوفاء عنواناً مستقلاًّ بنفسه لا يفسّر على أساس الحوالة ولا على أساس تجديد الدَين لكان لاختصاص ذلك بالمدين دون البريء وجـه بأن يقال: إنّ المدين إنّما يوفي دَينه بما يملكه لا بمال إنسان بريء مثلا، ولكن السنهوري نفسه لم يفترض أنّ عنوان الوفاء بنفسه عنوان مستقلّ غير محتاج إلى تكييف، بل فرضه محتاجاً إلى تكييف، وذكر أنّ تكييفه يكون بمعنى تجديد الدَين لا الحوالة بمعناها الدقيق، وإذا كان عنوان الوفاء ليس هو التفسير والتكييف الكافيين للمسألة فلا أدري لماذا تكون الحوالة بمعناها الدقيق غير متصوّرة إلّا في الحوالة المطلقة دون الحوالة على الدَين؟ !

الحوالة على البريء في الفقه الشيعي:

وعلى أيّة حال، فلئن كان أغلب مذاهب السنّة غير معترف بالحوالة على البريء فالمشهور لدى الشيعة ـ على ما جاء في الجواهر(1) ـ هو الاعتراف بها.

وذكر اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) بالنسبة لمن ينكر منهم الحوالة على البريء: أنّهذا الإنكار ليس لأجل الصعوبة في تصوير أصل الحوالة، بل لدعوى أنّ الحوالة على البريء ترجع إلى الضمان، فباب الضمان يختلف عن باب الحوالة بأنّ الحوالة


(1) راجع الجواهر 26: 165.