المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

65

الدائنَين هل هي على حدّ سواء أو أنّ هناك فرقاً بين الدائنَين جعله عذراً تجاه أحدهما دون الآخر؟ فلو أفتى أحد بأنّ المشتري لو ردّ المبيع بعيب لم تبطل الحوالة فلعلّه يعتقد أنّ العيب إنّما يؤثّر في الامتناع تجاه البائع، ولا يؤثّر في الامتناع تجاه إنسان أجنبيّ تعلّق حقّه بسبب الحوالة بالثمن.

ومن هنا يظهر أنّ الشاهد الأوّل أيضاً لا أثر له في المقام، فإنّ التأمينات لها علاقة بالدائن كما لها علاقة بالدَين، فقد يقال: إنّ التأمينات إنّما وضعت لدَين مّا تجاه دائن مّا، فإذا تبدّل الدائن لم يكن من الضروري تحوّل التأمينات إلى الدائن الجديد.

وأمـّا ما استدلّ به على نفي كون ما تعارف ذكره في الفقه الإسلاميّ من الحوالة عبارة عن حوالة الدَين بدقيق معنى الكلمة وهو أيضاً عبارة عن التأمينات بدعوى أنّ التأمينات لا تبقى على حالها لدى تبدّل المدين، وهذا يعني أنّ الدَين السابق انتفى ووجد دَين جديد، إذ لو كان نفس الدَين السابق قد انتقل إلى شخص آخر لكان يحتفظ الدَين بتأميناته.

فالجواب على ذلك: ما أفاده اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) من أنّ التأمينات تجعل عادةً على دَين مّا وبلحاظ مدين مّا. أمـّا لو تبدّل المدين إلى شخص آخر فقد لا يرى الدائن حاجة إلى فرض تأمينات بالقياس له. نعم، لا مانع من افتراض النصّ منذ البدء على أنّ هذه التأمينات هي تأمينات على ذات هذا الدَين أينما حلّ، ومع هذا النصّ لا نتحاشى من ثبوت التأمينات على حالها، ولا يشترط في الرهن مثلا أن يكون ملكاً للمدين.

وأمـّا ما يظهر من بعض عبائر الوسيط كشاهد آخر على نفي كون ما سمّي بالحوالة في الفقه الإسلامي حوالة للدَين بالمعنى الدقيق للكلمة، وذلك في غير الفقه الحنفي من أنّهم لم يعترفوا بالحوالة على البريء، وخصّوا الحوالة بالحوالة على المدين، وهذا يعني أنّهم يقصدون بالحوالة الوفاء، وبما أنّه لا معنى للوفاء