المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

60

المذاهب الثلاثة، أي غير المذهب الحنفي، فالذي يبقى مورداً للبحث عن أنّه هل يخالف سلّم التطوّر المفروض في الفقه أوْ لا؟ إنّما هي الحوالة على البريء في الفقه الحنفيّ، والحوالة على المدين في كلّ المذاهب الأربعة.

على أنّ المعترفين بالحوالة منهم من يُرجع ـ في الحقيقة ـ الحوالة إلى باب الضمان(1) كزفر من الحنفيّين، حيث يفسّرها بضمّ ذمّة المحال عليه إلى ذمّة المدين في المطالبة، فهذا أيضاً يخرج من موضوع البحث، لأنّ الدَين لم ينتقل في الحقيقة إلى المحال عليه، وغاية الأمر أنّ الدائن له حقّ مطالبة المحال عليه كما له حقّ مطالبة المدين كما هو الحال في باب الضمان(2).

ومنهم من يفسّر الحوالة بمعنى انتقال المطالبة وحدها دون الدَين من المدين إلى المحال عليه، كما قال به محمّد من الحنفيّين، وهذا أيضاً خروج عن موضع البحث، لأنّ الدَين لم ينتقل، فلو أراد المدين أن يقضي الدَين لا يكون متبرّعاً، لأنّه لا زال مديناً وليس من حقّ الدائن الامتناع من الاستيفاء. ولو أبرأ الدائن المحال عليه لا يسقط بهذا دَينه، ولا يرجع المحال عليه على المدين ولو كانت الحوالة بأمره، لأنّ الدائن لم يبرئ المحال عليه من الدَين، بل من مجرّد المطالبة ولو توى الدَين عند المحال عليه بمثل الموت أو الفلس أو الإنكار مع


(1) عبّر السنهوري هنا بالكفالة، ومقصوده هو ما نسمّيه بالضمان.

(2) هذا جريٌ على ما هو المنسوب إلى المشهور في فقه السنّة من أنّ الضمان ضمّ ذمّة إلى ذمّة، خلافاً لما عند الشيعة من أنـّه نقل من الذمّة إلى ذمّة اُخرى.

وأظنّ أنّ واقع مقصودهم هو ضمّ عهدة إلى عهدة لا الذمّة بمعناها الدقيق الذي شرحناها في ما سبق، فلا يرد عليهم ما جاء في الجواهر من الاستشكال في تصوّر شغل ذمّتين فصاعداً بمال واحد. راجع الجواهر 26: 113، أوّل كتاب الضمان.