المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

59

كان هذا بدعاً في تطوّر القانون ـ على حدّ تعبيره ـ وذلك لأمرين:

أحدهما: أنّه من غير الطبيعي أن يعرف نظام قانونيّ حوالة الدَين قبل أن يعرف حوالة الحقّ، لما مضى من أنّ رابطة الالتزام بالمدين أشدّ وأقوى منها بالدائن، وشخصيّة المدين أخطر في هذه الرابطة من شخصيّة الدائن.

وثانيهما: أنّه من غير الطبيعي أن يسلّم نظام قانونيّ بانتقال الدَين بين الأحياء من مدين إلى آخر وهو لم يعترف بانتقاله بسبب الموت، لأنّ تصوّر قيام الوارث مقام الميّت أسهل من تصوّر قيام شخص مقام من هو حيّ يرزق ـ كما مضى ـ والإسلام لا يعترف بانتقال ديون الميّت إلى الوارث.

وهنا يواجه الدكتور السنهوري فتاوى الفقهاء الاسلاميّين الذين أفتوا بحوالة الدَين فيما بين الأحياء، بينما لم يفتوا بانتقال الدَين بالموت إلى الوارث، ولا بحوالة الحقّ إلّا في المذهب المالكيّ الذي اعترف به في الجملة ـ على حدّ تعبيره ـ وطبعاً هو ينظر إلى فتاوى فقهاء العامّة وليس على اطّلاع من فتاوى فقهاء الشيعة.

ويتصدّى لتوجيه هذه الفتاوى وتفسيرها بالنحو الذي لا يعارض ما ذكره من عدم إمكان معرفة حوالة الدَين قبل معرفة حوالة الحقّ، وعدم إمكان معرفة انتقال الدَين بين الأحياء قبل معرفة انتقاله بالموت، ويقيم بعض الشواهد على تفسيره، وهو يأخذ الرأي الإسلاميّ من كتب السنّة كما قلنا، ويستخلص من كلامه حول الموضوع ما يلي:

إنّ حوالة الحقّ بين الأحياء لم يعترف بها أحد من المذاهب الأربعة عدا المذهب المالكيّ،حيث أقرّهافيمايسمّيه بهبة الدَين وببيع الدَين ضمن بعض الشروط. أمـّا المذاهب الثلاثة الاُخرى فلا تجيز بيع الدَين أو هبته من غير من هو عليه.

وأمـّا حوالة الدَين فإن فرضت حوالة على البريء فهي ممّا لا تعترف به