المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

54

تستقرّ في الفقه الألمانيّ بعد أن عملوا على تحرير قانونهم من النظريّات الرومانيّة وغلّبوا النظريّات الجرمانيّة الأصل عليها، وقد بيّن چييريك أنّ الفكرة الجرمانيّة في الالتزام لا تقف عند الرابطة الشخصيّة كما كان الأمر في القانون الروماني، بل تنظر إلى محلّ الالتزام وهو العنصر الأساسيّ وتجرّده من الرابطة الشخصيّة حتّى يصبح الالتزام عنصراً ماليّاً أكثر منه علاقة شخصيّة، فينفصل الالتزام بذلك عن شخص الدائن وعن شخص المدين، ويختلط بمحلّه فيصبح شيئاً مادّيّاً العبرة فيه بقيمته الماليّة(1).

ومن هنا دخلت فكرة الذمّة في الفقه الغربي، إلّا أنّها اختلفت عن فكرة الذمّة عندنا، فبينما الذمّة عندنا وعاء اعتباريّ لصيق بالإنسان لا علاقة له بأمواله الخارجيّة كانت لديهم عبارة عمّا يسمّى بالثروة أو بالذمّة الماليّة، وهي وعاء تستوعب كلّ أموال الإنسان الخارجيّة وغيرها إيجابيّة وسلبيّة. ففي الذمّة الماليّة عندهم عنصران: عنصر إيجابيّ هو الحقوق، وعنصر سلبيّ هو التكليفات، والذمّة تتكوّن من العنصرين معاً. وحاصل الفرق بين العنصرين يسمّى الصافي، وقد تكون الذمّه خالية ليس فيها حقوق ولا تكليفات كذمّة الوليد الذي ليس له مال(2).

هذا، والتصوير القديم للفقه الغربي لمعنى الدَين وفهمهم لحقيقة الالتزام الشخصيّ أدّى إلى عدم تصويرهم لحوالة المدين إلى شخص آخر في دَينه، وهذه هي الحوالة في فقهنا وهي حوالة الدَين في فقههم، أو تغيير الدائن من شخص إلى


(1) الوسيط 1: 118 - 120 الفقرة 7 - 9 بحسب الطبعة الثانية.

(2) راجع الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد للاُستاذ مصطفى أحمد الزرقاء 3: 233 الفقرة 128 بحسب الطبعة الخامسة.