المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

53

ولم تثبت هذه الرابطة على حال واحدة، بل إنّها تطوّرت، فكانت في أوّل أمرها سلطة تعطى للدائن على جسم المدين لا على ماله، وكان هذا هو الذي يميّز بين الحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ، فالأوّل سلطة تعطى للشخص على شيء، والثاني سلطة تعطى للشخص على شخص آخر، وكانت سلطة الدائن على المدين سلطة واسعة يدخل فيها حقّ الإعدام وحقّ الاسترقاق وحقّ التصرّف، ثمّ تلطّفت هذه السلطة فصارت مقصورة على التنفيذ البدني بحبس المدين مثلا، ولم يصل الدائن إلى التنفيذ على مال المدين إلّا بعد تطوّر طويل، فأصبح للالتزام منذ عهد الرومان مظهران: مظهر باعتباره رابطة شخصيّة فيما بين الدائن والمدين، ومظهر باعتباره عنصراً ماليّاً يقوم حقّاً لذمّة الدائن ويترتّب دَيناً في ذمّة المدين. ولا يزال الالتزام محتفظاً بهذين المظهرين إلى الوقت الحاضر وإن اختلفت المذاهب فيه، فمذهب يغلّب الناحية الشخصيّة وهو المذهب الفرنسيّ التقليديّ الموروث عن القانون الرومانيّ، ومذهب يغلّب الناحية الماليّة وهو المذهب الألمانيّ الحديث....

وأشهر من قال بالمذهب الشخصيّ من فقهاء الألمان (سافيني) فقد كان يرى الالتزام رابطة شخصيّة تخضع المدين للدائن، وهي صورة مصغّرة من الرقّ، فالسلطة التي تمنح لشخص على شخص آخر قد تستغرق حرّيّة من يخضع لهذه السلطة، وهذا هو الرقّ الكامل والملكيّة التامّة، وقد لا تتناول السلطة إلّا بعض هذه الحرّيّة، ولا تمتدّ إلّا إلى جزء من نشاط المدين، فيترتّب من ذلك حقّ للدائن قريب من حقّ الملكيّة ولكنّه ليس إيّاها، فهو حقّ خاصّ بعمل معيّن من أعمال المدين....

هذه النظريّة قام في وجهها فقهاء الألمان وعلى رأسهم (چييريك) وأبوا أن