المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

527

وقد يدعم هذا التعدّي بكون خيار التدليس أمراً ارتكازياً لدى العقلاء، ولا أقصد بذلك الرجوع إلى دليل سابق وانّما أقصد بذلك انّنا لو تنزّلنا عن إثبات إمضاء هذا الارتكاز بعدم الردع أو بقاعدة نفي الضرر (وهذه هي الأدلّة السابقة) فسيكون دليلنا الجديد هو النص الدال على خيار التدليس في النكاح الذي يفهم منه العرف بسبب ما يمتلك من ذاك الارتكاز قاعدة عامّة تشمل سائر العقود فهذا الارتكاز وإن كان في حدّ ذاته غير حجّة لكنّه يساعد على استظهار العرف للإطلاق من ذاك الدليل اللفظي.

حكم الاستغلال وخيار الغبن:

الأمر الخامس ـ جاء في الفقه الغربي: انّ أحد عيوب الإرادة هو الاستغلال.

وكما مضى في التدليس ان نظرية الغلط تغني عنه، فانّ التدليس يوقع المدلّس عليه في الغلط لا محالة، كذلك كان بالإمكان الاستغناء عن ذكر عيب الاستغلال لو قصد به استغلال جهل المتعاقد الآخر المؤدّي إلى إخلال الموازنة بين العوضين في القيمة فانّ هذا يرجع إلى التدليس أو الغلط ولكنهم توسّعوا في مسألة الاستغلال لاستغلالات اُخرى تؤدّي إلى الغبن غير استغلال الجهل فمثلاً ورد في القانون المدني الألماني في المادّة [138] بطلان التصرّف القانوني الذي يستغل الشخص حاجة الغير أو خفّته أو عدم تجربته ليحصل لنفسه أو لغيره في نظير شيء يؤدّيه على منافع ماليّة تزيد على قيمة هذا الشيء بحيث يتبين من الظروف انّ هناك اختلالاً فادحاً في ا لتعادل ما بين قيمة تلك المنافع وقيمة هذا الشيء(1).


(1) راجع الوسيط 1: 389 ـ 390، الفقرة 203.