المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

498

وقع مثله في الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه ان يتبيّنه).

وعلّل السنهوري ذلك(1) بانّ الغلط إذا لم يكن مشتركاً وفاجأ المتعاقد الذي وقع في الغلط المتعاقد الآخر بدعوى الغلط ولزم ان نبطل العقد بناء على مبنى الإرادة الباطنة فانّ المتعاقد الآخر حسن النية لا ذنب له فلماذا يبتلى بمشكلة عدم استقرار التعامل؟! والمخطئ هو المتعاقد الأوّل الذي أهمل في كشف نيّته ولم يجعل المتعاقد الآخر يتبيّن أو يستطيع ان يتبيّن ما شاب إرادته من غلط فوجب عليه التعويض وتدارك ضرر عدم استقرار التعامل وخير تعويض في هذهِ الحالة بقاء العقد صحيحاً وبكلمة اُخرى انّ الإرادة الباطنة وإن كانت مشوبة بالغلط ولكن هذا المورد من الموارد التي غلب فيها جانب الإرادة الظاهرة حفظاً لاستقرار التعامل ولا يستقيم هذا التعليل إلّا إذا كان المتعاقد الآخر لا علم له بالغلط وليس من السهل عليه ان يتبيّنه، أمّا إذا كان عالماً بالغلط وانّه هو الدافع إلى التعاقد فلا حق له في الشكوى من إبطال العقد لانّه يكون سيّئ النيّة، وإذا لم يكن عالماً بالغلط ولكن كان من السهل ان يتبيّنه وان يتبيّن انّه هو الدافع إلى التعاقد فلا حقّ له كذلك في الشكوى من إبطال العقد لانّه يكون مقصّراً، ويخلص لنا من كل ذلك ان الغلط الجوهري لا يجعل العقد قابلاً للإبطال إلّا إذا كان غلطاً مشتركاً أو كان غلطاً فردياً يعلمه المتعاقد الآخر أو يسهل عليه ان يتبّينه.

فإذا تحددت نظرية الغلط على هذا النحو فانّها لا تتنافى مع استقرار التعامل ذلك لانّ المتعاقد الذي وقع في الغلط لا يدع للمتعاقد الآخر سبيلاً للزعم بانّه


(1) ما نقلته هنا مستخلص من مجموع ما جاء في الوسيط في المتن وفي التعليق تحت الخط، الصفحة 335، الفقرة 176.