المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

49

ولعلّه من الواضح أنّ هذه التفاصيل ليست عقلائيّة، فالصحيح أنّ إتلاف الأعمال الذي يترقّب أن يكون موضوعاً للضمان هو بمعنى هدر القابليّة للعمل، وقد حصل ذلك بالسجن سواء كان العامل أجيراً أو كسوباً أوْ لا، فلعلّ الأولى هو التفسير الأوّل الذي ذكرناه بعد فرض تسليم الفرق عقلائيّاً بين الأجير وغيره، والكسوب وغيره، والحرّ والعبد.

ولو قتل شخص حرّاً فلا إشكال في أنّه لا يضمن عقلائيّاً عمله، وإنّما يصار إلى القصاص أو الدية، ولا يكفي في تفسير عدم الضمان هنا ما ذكرناه في حبس الحرّ، إذ لو كان هذا هو التفسير الوحيد لذلك لزم ضمان العمل في الأجير أو الكسوب لدى القتل بناءً على ثبوت الضمان فيهما في الحبس.

وبالإمكان تفسير ذلك بأنّ عدم ضمان عمل الحرّ لدى قتله يكون من قبيل عدم ثبوت ضمان لمنفعة العين في مقابل ضمان العين لدى إتلافها، فكما أنّ ضمان منفعة العين مندكّ في ضمان العين كذلك ضمان عمل الحرّ مندكّ في ضمان الحرّ المتمثّل في القصاص أو الدية، بفرق أنّ ضمان منفعة العين المندكّ في ضمان العين يؤثّر في مقدار الضمان قيميّاً، فالعين المضمونة بالقيمة تكثر وتقلّ قيمتها المضمونة على أثر عوامل أحدها كثرة وقلّة منافعها، لكنّ العقلاء حدّدوا الضمان في قتل الحرّ بمبلغ معيّن من الدية أو القصاص أيّاً كانت منفعته، أو لم تكن له منفعة أصلا، وذلك تغليباً لأصل حرمة الإنسان كإنسان على منافعه التي تعتبر لا شيء بالنسبة إليه.

وقد يقال: إنّ ضمان منافع الحرّ في الحبس أولى من ضمان منافع العين، لأنّ منفعة العين مندكّة قيمةً وملكيّة في العين، فلا يملك صاحب العين ـ إضافة إلى العين ـ شيئاً اسمه المنفعة، وليست للمنفعة قيمة إضافة إلى قيمة العين، وإنّما المنفعة