المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

48

وبما ذكرناه ظهر الفرق أيضاً بين منفعة الحرّ غير الأجير ومنفعة الأجير، فغير الأجير لا تضمن منفعته في غير الكسوب أو مطلقاً، لأنّها لم تكن مملوكة بالملك الاعتباريّ، أمـّا الأجير فمنفعته كانت مملوكة بالملك الاعتباريّ للمستأجر، فإن فرضنا أنّ هذا الحبس لا يوجب انفساخ الإيجار فالحابس ضامن للمستأجر، لأنّ عمل الأجير كان ملكاً له ملكيّة اعتباريّة، فقد ضمنه بالإتلاف، فإذا فسخ المستأجر العقد لعدم القبض رجع البدل الذي ضمنه الحابس إلى الأجير، ورجعت الاُجرة إلى المستأجر. وإن فرضنا أنّ هذا الحبس يوجب انفساخ الإيجار ضمن الحابس الاُجرة المسمّـاة للأجير بنكتة دفع الضرر، وعقلائيّة الضمان هنا أوضح من الضمان في الكسوب الذي لم يؤجر نفسه.

وهناك تفسير آخر لما يفهم عقلائيّاً من الفرق بين منفعة الأجير أو الكسوب وغيرهما بالضمان في الأوّل أو في الأوّلين دون غيرهما، وهو أن يقال: إنّ ضمان الإتلاف ثابت عقلائيّاً في باب الأعمال كما هو ثابت في الأعيان، إلّا أنّ إتلاف الأعمال ليس كإتلاف الأعيان بمعنى هدم ما هو موجود وكسره مثلا، وإنّما هو بمعنى الحيلولة بين الشخص وعمله، وهذه إنّما تكون في الأجير والكسوب. أمـّا الذي لا يوجد فيه دافع نفسيّ للعمل فعدم صدور العمل منه لا ينسب عرفاً إلى منع الحابس، بل ينسب إلى عدم المقتضي، فلا إتلاف في المقام.

إلّا أنّ هذا التفسير ـ لو تمّ ـ لا يفسّر لنا الفرق بين عمل الحرّ وعمل العبد، فلا بدّ من التفصيل في عمل العبد أيضاً، بينما لو كان المالك مقبلا على استثماره وما إذا كان المالك مُهمِلا له لا ينتفع به حتى لو لم يسجنه الساجن. وكذلك الحال في منفعة الدار غير المستوفاة من قبل الغاصب، فيجب أن يفصّل بين ما إذا كان صاحب الدار يستفيد منها لولا الغصب و ما إذا كان مُهملا لها.