المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

47

وأمـّا الأحكام العقلائيّة فهي مختلفة فيما بينها، فجواز التصرّف الوضعيّيشمل عقلائيّاً ملكيّة الأعمال، ولذا يجوز للإنسان أن يؤجر نفسه على عمل، وإذا آجر نفسه على عمل أصبح عمله مملوكاً للمستأجر بالملكيّة الاعتباريّة. وضمان الإتلاف لا يشمل الأعمال، فلو أنّ الظالم سجن أحداً لم يضمن عمله بضمان الإتلاف. نعم، لو استوفى عمله ضمنه بضمان الحيازة واليد، فضمان اليد عقلائيّاً يشمل العمل بخلاف ضمان الإتلاف، وحبس الشخص لا يعتبر عرفاً حيازة لعمله، وإنّما يعتبر حيازة لشخصه، أمـّا حيازة عمله فهي بالاستيفاء.

نعم، لو كان الإنسان كسوباً فحبس فقد يقال بضمان الحابس لعمله، إلّا أنّ هذا ليس ضمان اليد أو الإتلاف، بل هذا ضمان بنكتة دفع الضرر، ولذا لا يحسّ بمثل هذا الضمان في غير الكسوب، ولو ثبت هذا الضمان في الكسوب عقلائيّاً ثبت شرعاً بقاعدة نفي الضرر وبعدم الردع. أمـّا لو لم يثبت عقلائيّاً فلا يثبت شرعاً لا بعدم الردع كما هو واضح، ولا بقاعدة نفي الضرر، لما حقّق في محلّه من أنّ مفادها نفي الضرر الناشيء من الإسلام، فلو كان الضمان ثابتاً عرفاً ونفاه الإسلام عدّ هذا النفي ضرراً ناشئاً من الإسلام، فهو منفيّ، وإلّا فلا، و مجرّد نشوء ضرر من قِبل هذا الظالم لا يعني وجوب حكم الإسلام بالضمان عليه.

وبما ذكرناه ظهر الفرق بين منافع الحرّ ومنافع العبد، حيث إنّ منافع الحرّ غير المستوفاة لا تضمن، ومنافع العبد غير المستوفاة قد يقال: إنـّها تضمن. والفرق بينهما: أنّ منافع الحرّ ليست مملوكة له ملكيّة اعتباريّة، فلا تضمن بالإتلاف كما قدّمناه، ولكن منافع العبد مملوكة للمولى ملكيّة اعتباريّة ولو بملكيّة مندكّة في ملكيّة العين، فقد يقال: إنّ مثل هذه الملكيّة المندكّة كافية في ضمان الإتلاف.