المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

397

ولكن رغم هذا قد يدل النهي التحريمي في العقود على الفساد بملازمة عرفية حيث أنّ غلبة الحال في الموالي العرفية في إبطالهم لما يمكنهم من إبطاله ممّا هو مبغوض لهم أوجبت دلالة النهي التحريمي المتعلق بعقد ما على الفساد باعتبار انّ الغالب في المبغوضيات الواصلة إلى حدّ تحريك المشرّع العرفي نحو التنصيص على تحريم عقد هو اعتباره فاسداً من قبل ذلك المشرّع، نعم هذا الاستظهار انّما يكون في النهي المتعلق بالعقد بعنوانه.

وقد ذكر السيد الإمام (رحمه الله)(1) ان المعاملة إن كانت معاطاتية فهي وإن فرضت حرمتها لمثل كونها إعانة على الحرام أو تسهيلا لتحقق الإثم لكن النهي لم يتعلق بعنوان المعاملة كي يوجب الفساد وإنّما تعلق بعنوان آخر انطبق على المعاملة الخارجية وإن كانت بالعقد اللفظي فبعد وقوع العقد يقع التزاحم بين حرمة التعاون على الإثم ووجوب تسليم المثمن فان قلنا بترجيح الثاني وجب التسليم وعوقب على الإعانة سواء قلنا ببقاء الحكم في المتزاحمين على ما هما عليه من الفعلية أو قلنا بسقوط النهي، إذ أنّ إسقاط المولى للنهي هنا إنّما هو على أساس اضطراره إلى ذلك بسوء اختيار العبد وان قلنا بترجيح الأوّل لم يجز له التسليم.

أقول: يحتمل أنّ السيد الإمام (رحمه الله) أراد أن يقول: انّ العقد إن كان معاطاتياً فهو غير باطل لانّ متعلق النهي عنوان آخر غير عنوان العقد، وإن كان لفظياً فعدم بطلانه بطريق أولى لانّ النهي تعلق بالتسليم لا بالعقد. فإن كان هو هذا مقصود السيد الإمام فبالامكان أنْ يقال في مقام توجيه حرمة العقد اللفظي بما مضى من دعوى كونه مورّطاً للعبد في مخالفة أحد المتزاحمين بسوء اختياره. ويحتمل


(1) راجع المكاسب المحرمة للسيد الإمام (رحمه الله) 1: 149 ـ 150.