المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

388

وثانيهما ـ وهو الذي اقتصر عليه في المحاضرات(1): هو أنّ الدليل إنّما دلّ على وجوب النهي عن المنكر لا أكثر من ذلك والنهي عن المنكر عبارة عن زجر الغير ليترك المنكر باختياره ودفع المنكر عبارةٌ عن تعجيزه عنه.

وهذا البيان صحيح فالواقع أنّ وجوب النهي عن المنكر شيء ودفع المنكر شيء آخر فالدليل اللفظي لوجوب النهي عن المنكر لا يشمل دفع المنكر بالدلالة المطابقية كما لا يدل عليه بشكل مطلق بالدلالة الالتزاميّة لأنَّ الملازمة العرفيّة في المقام يختلف تحققها باختلاف الموارد حسب الالتفات إلى النكات الأربع التي شرحناها في بحثنا عن الوجه الأوّل وقد تحصّل بكل ما ذكرناه أنّ شيئاً من الوجوه العامة لإثبات حرمة تهيئة المقدمات للإثم أو الإعانة عليه غير تام.

ولكن هذا لا يمنعنا عن القول بالحرمة في الجملة في موردين:

المورد الأوّل: ما إذا كان هدف المساعد على الإثم في تهيئته للمقدمات هو تحقق الإثم فانْ كان هدفه هو تحقق عنوان الإثم ومعصية الله تعالى فلا إشكال في أنّ هذا من أبرز مصاديق الجرأة على الله ومحاربته ولا ينشأ إلّا من أعلى مستويات الخبث، وإنْ كان هدفه تحقق واقع المعصية أي تحقق التخمير مثلا لغاية له في ذلك ولم تكن الغاية نفس عنوان وقوع المخالفة لله تعالى فهذا في غالب الأحيان يكون أيضاً جرأة على الله وإن كـان بمستوى أقل بكثير من الجرأة في القسم الأوّل وحينما نقيسه بالنكات الأربع الماضية نرى أنّه في غالب الأحيان نحرز بارتكاز متشرعي أو عقلائي الحرمة وعدم وجود نكتة من تلك النكات المانعة عنها.


(1) 1: 135.