المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

36


الثالث ـ أن يفترض أنّ هذا الشرط هو شرط للنتيجة لخلق الضمان كمكافأة لما التزم به الموجب لصالح القابل. وهذا إنّما يتصوّر في العارية دون الوديعة؛ لأنـّه في العارية قد التزم الموجب بحل الانتفاع بالعين للقابل، فمن المعقول أن يشرط ذلك بالضمان. أمـّا في الوديعة فلم يلتزم الموجب بشيء لصالح القابل، وإنّما القابل فقط التزم بالحفظ لصالح الموجب، فلا معنى للشرط عليه بالضمان، وبهذا يكتمل تفسير الفرق في المقام بين الوديعة والعارية، فإنّ الظاهر أنّ العقلاء لا يفرّقون في رفض شرط الضمان في الوديعة بين ضمان الشرط وشرط الضمان بنحو شرط النتيجة. ولا أظنّ أنّ الفقهاء أيضاً يفصّلون بينهما.

وبهذا أيضاً يتّضح الفرق بين فرض الأمانة البحتة وبين فرض الأجير الذي يأخذ العين بالاُجرة للحفظ أو النقل من مكان إلى مكان، أو لإجراء عمل عليها كالخياطة، فإنّ شرط الضمان في ذلك عقلائيّ بخلاف باب الوديعة. وتفسيره أنّ المستأجر قد التزم للأجير بنتيجة المعاملة من التبادل بين العمل والمال، كما أنّ الأجير التزم للمستأجر بذلك، فكلّ منهما بإمكانه أن يشترط شرطاً على الآخر بأن لا يقبل ذاك الالتزام إلّا بهذا الشرط. وهذا بخلاف باب الأمانة الذي ليس الالتزام فيه الّا من طرف الأمين، فلا معنىً لشرط المستأمن عليه بشيء.

نعم، في باب الأمانة يتصوّر الشرط الابتدائيّ كما مضى، ولا أقصد بذلك مجرّد أخذ الوعد الابتدائي البحت غير المرتبط بأيّ شيء من الأشياء الذي لا ينبغي الإشكال في عدم صدق الشرط عليه، وإنّما أقصد بذلك شرطاً رتّب عليه الشارط عمله، وهو الاستيمان.

وتوضيح ذلك: أنـّنا نقسّم الشرط إلى الابتدائي، وما هو في ضمن العقد، لا بالمعنى الذي قد يتبادر إلى الذهن من مجرّد ذكره ضمن العقد وعدمه، فإنـّه إن قصد ذلك كان هذا مجرّد اصطلاح بحت من دون افتراض فرق جوهري يعقل تأثيره في النفوذ وعدم النفوذ حسب ما يستظهر من الأدلّة، وفرض صدق عنوان الشرط الوارد في الأدلّة على خصوص ما ذكر ضمن العقد دون غيره تحكّم بحت، فسواء كان هذا هو مقصود المشهور من تقسيمهم للشرط إلى