المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

333

 

تاريخ البحث حول السبب:

ظهر البحث عن السبب ـ أي سبب الإرادة في العقد في الفقه الغربي ـ من حين ما اختفت الشكلية وبرزت الإرادية والرضائية في العقود وبقدر ما كانت تختفي الشكلية وتبرز الإرادة كان يبدو مجال للبحث عن سبب الإرادة.

فحينما ظهرت في القانون الروماني إلى جانب العقود الشكلية عقود اُخرى غير شكلية أهمّها العقود العينية والعقود الرضائية والعقود غير المسماة وعقود التبرع ظهر الاتجاه إلى بحث السبب:

أمّا العقود العينية ـ وكانت هي القرض والعارية والوديعة والرهن ـ فالإرادة لم تكن ظاهرة فيها كي تظهر فكرة البحث عن سبب الإرادة في عقد القرض أو العارية أو الوديعة أو الرهن، وانّما كان يُرى أنّ المقترض أو المستعير أو الودعي أو المرتهن ملزم بردّ العين بسبب تسلّمها وإلّا كان مثرياً دون سبب.

وأمّا العقود الرضائية ـ وكانت هي البيع والإيجار والشركة والوكالة ـ فالإرادة هي قوام العقد فيها فبرزت فكرة السبب في هذه العقود واضحة. ففي عقد البيع يكون التزام البائع سبباً لالتزام المشتري وبالعكس ولكنّ فكرة السبب لديهم وقفت في حدود تكوين العقد ولم تتجاوز مرحلة التنفيذ. أي انّه لدى تكوين العقد إذا كان السبب منتفياً بطل العقد، ولكن لدى التنفيذ لو طرأ امتناع التنفيذ بالنسبة لأحد العوضين أو امتنع صاحبه عن التنفيذ لم يبطل العقد ولا كان للآخر الفسخ أو الامتناع عن التنفيذ فكل من الالتزامين بعد حصولهما أمر مستقل عن الآخر.

وأمّا العقود غير المسماة فقد ظهرت فيها أيضاً فكرة السبب، ففي عقد المقايضة مثلا إذا سلّم أحد المتقايضين العوض الذي يملكه كان هذا سبباً لالتزام الآخر بتسليم ما يقابله.