المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

331

أقول: إنّ تبرير مذهب الإرادة الظاهرة بأنّ القانون ظاهرة اجتماعية ولا تدرس الاُمور النفسية والإرادة الباطنة ليست عدا أمر مكنون في النفس تبرير غير مقبول. فان المجتمع بإمكانه أن يرتب حكماً اجتماعياً على أمر نفسي. نعم عندئذ لا تعرف فعلية ذاك الحكم إلّا بمعرفة تحقق ذاك الأمر النفسي عن طريق أمارة تدل عليه، والمفروض لدى القائلين بمذهب الإرادة الباطنة انّ التعبير أمارة تدل عليها.

وكذلك لا يصحّ تبرير مذهب الإرادة الظاهرة بتوخّي استقرار التعامل فان قسماً كبيراً من استقرار التعامل محرز لدى مذهب الإرادة الباطنة باتباع ظواهر التعبيرات بعنوانها أمارة على الإرادة الباطنة ولا يضحي هذا المذهب إلّا بجزء ضئيل من الاستقرار توخّياً للمصلحة بمراعاة حال من عجز عن إيصال مراده بالشكل الذي أراد.

وأمّا تبرير مذهب الإرادة الباطنة بانّها غير متأثرة بغشّ ولا بإكراه ولا بغلط، فلا يخلو أيضاً عن ضعف ولعلّ الضعف في التعبير لا في المقصود، والاولى أن يعبّر بتعبير أنّ الإرادة الباطنة تبتلي بغشّ أو غلط أو إكراه أو تنعدم بالإكراه فيكون البطلان أو إمكانية الإبطال عندئذ موجباً لتدارك الغشّ والغلط والإكراه. بينما نرى أنّ مذهب الإرادة الظاهرة يؤدّي إلى عدم تدارك هذه الاُمور، ولا يخفى أنّ مذهب الإرادة الباطنة لا يبقى المظهر الخارجي الخاطئ دون جزاء بل يترتب عليه الحق في التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية لمن اطمأنّ لهذا المظهر حماية للثقة المشروعة على حدّ تعبير الدكتور السنهوري(1).


(1) في الوسيط 1: 194، في تعليقه على الفقرة 79 تحت الخط.