المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

290

وعلى أية حال فنحن لا نملك دليلا على الفرق بين الجواز في العقد الجائزوالجواز في مورد الخيار، بكون الأوّل متعلقاً بالعقد وفسخه، والثاني متعلقاً بالترادّ من دون توسيط فسخ العقد، عدا أن يُقال إنّ العقد إذا كان في ذاته لازماً إذن هو مشمول لأدلة وجوب الوفاء به كـ ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ فإذا دخله الخيار لم يجز التراجع عن ثمرة العقد إلّا بعد فسخ العقد لأنّ التراجع عنها مع افتراض العقد قائماً على حاله خلف وجوب الوفاء به، فلا بدّ أوّلا من إعمال حق الخيار بفسخ العقد، فإذا انتهى العقد انتهى موضوع وجوب الوفاء بالعقد فيتمّ الترادّ والتراجع عن الثمرة بتبع فسخ العقد.

وأمّا إذا كان العقد في ذاته جائزاً كالهبة أو المعاطاة على القول بجوازها فمعنى جوازه خروجه تخصيصاً أو تخصصاً من أدلة وجوب الوفاء بالعقود، وعندئذ فلا بأس بالترادّ من دون حاجة إلى توسيط فسخ العقد، لأنّ العقد في ذاته ليس لازماً كي يكون فرض بقائه قائماً على حاله مانع عن الترادّ ومخالفة ما بنوا عليه. إلّا أنّ هذا البيان لا يرجع إلى محصّل، ويرد عليه:

أوّلا ـ أنّنا لو فرضنا أنّ التراد بعد إنهاء العقد بالفسخ لا ينافي وجوب الوفاء بالعقد، قلنا إنّه لا مبرّر لافتراض أنّ الجواز في العقود الجائزة يعني خروجها عن أدلة وجوب الوفاء بالعقد تخصيصاً بل مقتضى إطلاق دليل وجوب الوفاء بالعقد أن نحمل الجواز في العقود الجائزة على جواز التراد بتوسيط فسخ العقد كي لا ينافي ذلك وجوب الوفاء فيكون حاله حال الجواز الخياري، بفرق أنّ الجواز الخياري حقّ قابل للإسقاط والجواز الحكمي ليس حقّاً يقبل الإسقاط، نعم في مثل الوكالة لو قلنا إنّها ليست عقداً فهي خارجة عن دليل الوفاء بالعقد تخصصاً وخارجة عن محل البحث أساساً ولا يتصور فيها هذا النزاع.