المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

278

على التصرّف إنّما هي الملكية الثابتة للمال بقطع النظر عن التصرّف، وإن كان نفس ذاك التصرّف مُخرجاً للمال عن الملكية استهلاكاً أو اعتباراً.

وقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه أنّ قوله: «الناس مسلّطون على أموالهم» يدلّ على أنّ الطبع الأوّلي للعقود هو اللزوم لأنّ نفوذ الفسخ من قِبَل أحد الطرفين رغماً على الطرف الآخر خلاف سلطنته على ماله.

وهذا لا يستلزم القول بأنَّ الإعراض عن الملكية يُخرِجُ المالَ عن الملكِ تمسّكاً بـ «الناس مسلطون على أموالهم» وذلك لما مضى من أنّ قوله: النّاس مسلّطون على أموالهم إنّما يدلّ على أنّ كلّ تصرّف سائغ أو صحيح ونافذ في نفسه يكون المالك أولى به من غيره، وصحّة الإعراض ونفوذه أوّلُ الكلام، وهذا بخلاف ما نحن فيه فإنّ إبقاء المال في ملك مالكه وعدم الفسخ مشروع في ذاته بلا إشكال فيكون المالك مسلّطاً على ذلك، وإعطاء الفسخ بيد أحد الطرفين خُلف سلطنة الآخر على المال فلا بدّ أن يكون برضاهما معاً كي لا يكون خلاف سلطنة أيّ واحد منهما على ماله وعندئذ يكون مشروعاً وهو المسمّى بالإقالة.

ولا يُقال: إنّ مسألة اللزوم في المقام ومسألة نفوذ الإعراض متلازمتان، لأنّ إحداهما تعني السلطنة على إبقاء الملكية، والاُخرى تعني السلطنة على إزالتها، ومن الواضح أنّ نسبة السلطنة إلى الإبقاء والإزالة على حدٍّ سواء، فالسلطنة على الإبقاء وحده أو الإزالة وحده ليست سلطنة، بل هي عبارة عن ضرورة البقاء أو ضرورة الزوال، وهذا سنخ ما يُقال في القدرة التكوينية من أنّ نسبتها إلى الوجود والعدم على حدٍّ سواء، ولا تُعقل القدرةُ على الوجود فقط أو على العدمِ فقط فإنّ ذلك يعود إلى الوجوب أو الامتناع وهما غير القدرة.

فإنّه يقال: صحيح إنّ السلطنة الشرعية كالقدرة التكوينية نسبتها إلى الإبقاء