المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

235

الأوّل: أن يكون هذا تعليلا أخلاقيّاً، ويكون قوله ـ تعالى ـ: ﴿وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً﴾ تعليلا قانونيّاً، فكأنّه ـ سبحانه وتعالى ـ يقول: كيف يجوز لكم نقض الميثاق على الخصوص أنّ بعضكم دخل في فناء بعض وتعاشرتم وتواددتم؟! أفهل بعد المعاشرة والتوادّ يحلو لكم نقض الميثاق؟ !

وعلى هذا التفسير قد يتمُّ الاستدلال بالآية الشريفة على نفوذ العقد والميثاق.

والثاني ـ أن تكون الآية إشارة إلى ما هو المعروف في الفقه من أنّ تمام المهر إنّما يتنجّز بالدخول، فلو طلّق قبل الدخول كان له حقّ استرجاع نصف المهر، فالإمضاء كناية عن الدخول. ومفاد الآية: أنّه بعد أخذ الميثاق والدخول لا يجوز استرجاع شيء من المهر، وعليه فالآية لا تدلّ على المقصود، لأنّه وإن فهم منها ضمناً لزوم الوفاء بالميثاق لكنّها كانت بصدد بيان حكم آخر وهو لزوم المهر بعد الميثاق والدخول، ولم تكن في مقام بيان حكم الميثاق ذاتاً كي تجري بلحاظه مقدّمات الحكمة ويتمّ الإطلاق. فهذه الآية من قبيل آية: ﴿كلوا ممّـا أمسكن﴾(1) التي هي بصدد بيان التذكية لا بصدد بيان طهارة محلّ الامساك، كما أنّه لا يتمّ أيضاً جعل الآية إشارة إلى أمر ارتكازيّ عقلائي وهو وجوب الوفاء بالعقد والميثاق؛ لأنّ الارتكاز العقلائي لا يفرّق بين فرض الدخول وعدمه، والطلاق ليس فسخاً حتّى يوجب ردّ المهر.

ولا استبعد ـ بحسب الفهم العرفيّ ـ كون الاحتمال الأوّل هو الأظهر.

إلّا أنّ هناك نصّاً تامّ السند جعل كلمة (الغليظ) إشارة إلى الدخول أو


(1) المائدة: 4.