المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

228

التقريب الثاني ـ هو الاستفادة من كلمة (الباطل)، حيث إنّ الاستثناء سواءفرض متّصلا أو منقطعاً يدلّ على أنّ التجارة عن تراض ليست باطلة، إذ لا يتقبّل عرفاً أن يقال: «لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلّا هذا الباطل». وهذا يعني صحّة التجارة المنصرفة إلى الصحّة بالمعنى الذي قصده المتعاملان من التمليك والتملّك، فهذه الدلالة تتمّ سواء فرضنا أنّ الاستثناء منقطع تمسّكاً بأصالة عدم التقدير، أو فرضناه متّصلا بأن قدّرنا شيئاً يناسب المورد كأن نقول: إنّ التقدير ما يلي: «لا تأكلوا أموالكم بينكم بكلّ سبب فإنّه باطل، إلّا أن تكون تجارة عن تراض» وذلك باعتبار أنّ الاستثناء المنقطع بطبعه وبلا نكتة ومناسبة ليس عرفيّاً، بخلاف التقدير والحذف، فإنّه وإن كان خلاف الأصل لكنّه أمر عرفيّ ومقبول، وكثير الوقوع فى الاستعمالات.

ثمّ إنّه ذكر في بلغة الفقيه(1) إشكالا على التمسّك بهذه الآية لصحّة المعاطاة، وهو أنّ هذه الآية وزانها وزان: لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، ولا صلاة إلا بطهور، ونحو ذلك ممّا يكون مركز عموم الحكم فيه هو حكم المستثنى منه لما عدا موارد المستثنى، وليس مركز العموم هو حكم المستثنى لجميع موارده. فقوله مثلا: «لا صلاة إلّا بطهور» يعني عموم بطلان الصلاة لكلّ موارد عدم الطهارة، ولا يعني عموم صحّة الصلاة لكلّ موارد الطهارة بحيث لو صلّى متطهّراً مستدبراً للقبلة مثلا لكان هذا الكلام دليلا على صحّة صلاته. فآية التجارة عن تراض من هذا القبيل، فهي إنّما تدلّ على عموم حرمة أكل المال لكلّ موارد فقدان التجارة عن تراض، ولا تدلّ على جواز أكل المال في كلّ موارد حصول التجارة عن تراض، أي أنّها مسوقة لبيان شرطيّة المستثنى من دون نفي شرطيّة شيء آخر.


(1) راجع بلغة الفقيه 2: 103 - 104.