المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

215

ثمّ تصدّى هو (رحمه الله) لحلّ الإشكال بما حاصله: أنّ ترتّب الـمُنشأ على ألفاظالعقود والإيقاعات ليس من قبيل ترتّب المسبّبات على أسبابها، كترتّب الإحراق على الإلقاء في النار، أو كترتّب حصول السنبل على إلقاء البذر، فمثل هذين المثالين يكونان من ترتّب المسبّب على السبب، بفرق أنّ السبب في المثال الأوّل سبب تامّ، ويكون المسبّب فعلا لفاعل السبب حقيقة، إلّا أنّه فعل غير مباشر، وفي المثال الثاني مقدّمة إعداديّة، ويفصل بينه وبين المسبّب ما يكون خارجاً عن قدرة فاعل السبب واختياره، فلا ينسب المسبّب حقيقة الى فاعل السبب.

وأمّا ما نحن فيه فليس من هذا القبيل، وإنّما هو من باب إيجاد ذي الآلة بالآلة كالتكلّم باللسان، أو الكتابة بالقلم، وهذا يكون فعلا مباشراً للفاعل لا مسبّباً توليديّاً وفعلا غير مباشر. نعم، هذه المنشآت تارةً ينظر إليها باعتبار ذاتها من حيث هي هي بقطع النظر عن انتسابها الى الفاعل، واُخرى ينظر إليها باعتبار انتسابها الى الفاعل، وإن شئت فعبّر عن الأول بالمعنى الاسم المصدري، وعن الثاني بالمعنى المصدري.

ودليل إمضاء هذه المنشآت إن كان ناظراً إليها بالمعنى المصدري، فإمضاء المنشأ بالإنشاء عين إمضاء إنشائه بالآلة المعدّة لإنشائه، فإنّ إمضاء الكتابة بمعناها المصدري عين إمضاء إيجادها بالقلم، وإن كان ناظراً إليها بالمعنى الاسم المصدري فكذلك. لأنّ التغاير بين المعنى المصدري والمعنى الاسم المصدري ليس إلّا بالاعتبار.

أقول: إنّ هذا البيان ـ إشكالا وجواباً ـ يشتمل على خلط غريب بين الـمُنشأ والثمرة التي تثبت بالشرع أو القانون أو عرف العقلاء، وذلك لأنّ تصوير الإشكال ـ بكون الشكّ في المسبّب شبهة مصداقيّة للعامّ ـ يتوقّف على كون المراد