المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

213

ولكنّي أحسّ بفطرتي العرفيّة أنّ عدم اختصاص العقد بخصوص الصحيح أوضح من عدم اختصاص البيع بخصوص الصحيح، فالعقد ليس عدا قرار مرتبط بقرار، أو ربط قرار بقرار، أمّا نفوذ ذاك القرار شرعاً أو عرفاً ووجوب الوفاء به شرعاً أو عرفاً فخارج عن مفاد العقد، فحتى لو تعاقدا مثلا على أعظم المناكير الشرعيّة والعرفيّة والتي لم يرَ الشرع ولا العرف مصلحة في إمضاء التعاقد عليها لم يكن ذلك خارجاً عن معنى العقد.

وعلى أ يّة حال، فالذي يبدو أنّ الإشكال في الإطلاق بفرض عناوين المعاملات أسماء للصحيح كان بحاجة الى نوع من التعميق، إذ يتبادر الى الذهن الجواب عليه ـ لولا التعميق ـ بأنّ المعاملات ليست كالعبادات التي هي من مخترعات الشارع حتى يأتي احتمال كون أساميها أسام للصحيح، بل هي ثابتة لدى العرف قبل الشرع الإسلاميّ، وجاء الشرع الإسلاميّ فأدخل في شروطها بعض التعديلات، وهذا لا يوجب انتقال الوضع من معناه اللغوي والعرفي الى وضع جديد.

وكأنّه لهذا حاول الشيخ الأنصاري (رحمه الله) تعميق صيغة الإشكال ببيان(1)يرجع بعد إدخال شيء من التعديل عليه بأنّ البيع يمكن افتراضه من أوّل الأمر اسماً للصحيح، لكنّ الصحيح في نظر الشرع يختلف عن الصحيح في نظر العرف، فما يكون صحيحاً عرفاً وباطلا شرعاً يكون بيعاً عرفاً ولا يكون بيعاً شرعاً، فالتمسّك لدى الشكّ في ذلك بدليل ﴿أحلّ الله البيع﴾ يعود عليه إشكال التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة للعامّ.


(1) راجع المكاسب: 80 و 81.