المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

210

الباطل شرعاً، إذن فإطلاق الآية يدلّ على صحّة العقد الذي هو ربط قرار بقراربأيّ مبرز عرفيّ ونفوذه شرعاً.

نعم، البطلان الذي يأتي من قِبل عدم مشروعيّة متعلّق العقد لا ينفيه إطلاق ﴿اوفوا بالعقود﴾. فالعقد على المحرّم لا يشمله هذا الإطلاق، لا أنّه خرج بالمخصّص، وذلك إمّا ببيان أنّ مثال هذه النظم الثانويّة كنظام الوفاء بالعقد أو الشرط أو اليمين أو النذر في أيّ شريعة شرّعت تنصرف عرفاً بالمناسبات الى نُظم ضمن إطار تلك الشريعة، ولا يفهم منها نظام يحلّل مخالفة النظم الأوّليّة للشريعة، أو ببيان أنّ المفهوم من هذه النظم كونها أحكاماً حيثيّة، أيّ أنّ العقد من حيث كونه عقداً صدر من الطرفين يجب احترامه من قبل الطرفين، أو أنّ الشرط أو اليمين أو النذر من حيث هو واجب الاحترام. أمّا لو حكم المولى تعالى بنقضه بفرض حرمة متعلّقه فهذا لا ينافي احترام العقد كعقد، أو الشرط والنذر كشرط ونذر.

هذا، وقدجاء في مصباح الفقاهة(1) توجيه آخر لإغفال الشيخ الأنصاريّ (رحمه الله)لهذه الآية في عداد أدلّة صحّة المعاطاة، ولا يظهر من عبارته نسبة هذا التوجيه الى السيّد الخوئي، لأنّه ذكره تحت الخط لا في متن التقرير.

وذلك التوجيه هو: أنّ الآية إنّما دلّت بالمطابقة على لزوم العقد؛ لأنّ الأمر بالوفاء بالعقد إنّما يكون إرشاداً الى لزومه وعدم انفساخه بالفسخ. وهذا يدلّ بالملازمة على صحّة العقد، إذ لا معنى للزوم العقد الفاسد، والدلالة الالتزاميّة تسقط عن الحجّيّة إذا سقطت المطابقيّة عن الحجّيّة. وبما أنّ الشيخ الأنصاري (رحمه الله)ذكر قيام الإجماع على عدم لزوم المعاطاة إذن لم يبق عنده مجال للتمسّك بهذه الآية لصحّة المعاطاة لأنّه بسقوط المطابقيّة سقطت الالتزاميّة. وهذا بخلاف آيتي حلّ البيع والتجارة عن تراض، فإنّهما تدلاّن بالمطابقة على صحّة البيع.


(1) مصباح الفقاهة 2: 105.