المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

208

 

إطلاقات أدلّة العقود

وبعد، فالآن نريد أن نبحث عن أنّه هل يوجد لدينا إطلاق في الكتاب أو السنّة يقتضي كفاية مجرّد إبراز المقصود في العقود وعدم اشتراط شكليّة معيّنة نرجع إليه في جميع الموارد إلّا أن يخرج قيد مّا بدليل خاصّ، أوْ لا؟ وهنا تذكر عدة إطلاقات لا بدّ من تمحيصها كي نرى هل يصحّ منها شيء أوْ لا؟

 

آية الوفاء بالعقد:

(أوّلا) قوله تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾(1)، وكون هذه الجملة معقّبة بقوله تعالى: ﴿اُحلّت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم...﴾ لا تكون قرينة على صرف الآية الى العقود الإلهيّة. ولو سلّمت قرينيّة ذلك فإنّما هي قرينة على شمول الآية للعقود الإلهيّة، وهي التكاليف، حيث إنّ التكاليف كما تعتبر عهوداً بمعنى الوصيّة كما قال تعالى: ﴿ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان﴾(2)كذلك تعتبر مواثيق مأخوذة من البشر في عالم الذرّ أو الفطرة كما قال تعالى: ﴿وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين﴾(3) فيصّح تعلّق الوفاء بذلك، ولكنّ هذا لا يعني اختصاص الآية بالعقود والمواثيق الإلهيّة، بل مقتضى إطلاقها شمولها للعقود التي تكون بين الناس. وما مضى من الرواية التي فسّرت العقود في الآية بالعهود(4) (والمقصود


(1) المائدة: 1.

(2) يس: 60.

(3) الأعراف: 172.

(4) تفسير عليّ بن إ براهيم 1: 160، الوسائل 16: 206، الباب 25 من أبواب النذر والعهد، الحديث 3 عن العيّاشيّ.