المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

205

أ ـ ففي التشريع الرومانيّ القديم كان لأنواع العقود من بيع ونكاح وغيرهما مراسم وأشكال لا تعتبر العقود إذا لم تمرّ بها.

فمن ذلك الطريقة المعروفة في البيع عند الرومانيين باسم (مانسيباسيو)، وقد يسمّونها أيضاً (طريقة النحاس والميزان) لأنّهم يوجبون فيها حمل الميزان والضرب بالنقد النحاسيّ عليه، وكان يشترط لديهم في البيع حضور المبيع في مجلس البيع، فلم يكن قابلا للبيع إلّا الأموال المنقولة.

ولمّا سوّغوا بيع الأراضي كان لا بدّ في عقد (المانسيباسيو) في أوّل الأمر من إحضار جزء من تراب الأرض رمزاً الى حضورها في مجلس العقد كالمنقولات. فكانت العقود لديهم خاضعة لصور من الشكليّةّ الماديّة الابتدائيّة.

ب ـ وفي جاهليّة العرب كانت بيوع تطغى فيها الشكليّة على حرّيّة أحد العاقدين وإرادته كبيع الملامسة والمنابذة وإلقاء الحجر، فقد تعورف فيها أنّ المشتري إذا لمس المبيع أو ألقى عليه حجراً أو نبذه إليه البائع فقد لزم العقد.

وقد نهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن هذه البيوع، وجاء التشريع الإسلاميّ على يديه بإطلاق العقود من القيود السخيفة، وإخضاعها لمجرّد الإيجاب والقبول الصادرين بالتراضي والأهليّة، واعتبر فيها هذا التراضي هو الملزم دون الأشكال والمراسم.

حتى لقد اعتدّ الفقه الإسلاميّ بما يغني عن الإيجاب والقبول في الدلالة على توافق الإرادتين، ذلك التوافق الذي هو الأصل في اعتبار العقود، فسوّغ التعاطي في البيع ونحوه، واعتبر به العقد منعقداً في خسيس الأموال ونفيسها، ولم يفرّق في البيع بين المنقول والعقار، ولا بين حضور المبيع وغيابه.

والتشريع الإسلاميّ لم يتقيّد بشيء من الشكليّات التي لا دخل لها في تحقّق معنى العقد بين طرفيه، إلّا إذا كان لها مساس بالغاية المقصودة من العقد،