المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

202

وهذه هي العقود العينيّة، ولم يسلم بأنّ التراضي وحده كاف لانعقاد العقد إلّا في عدد محصور من العقود سمّي بالعقود الرضائيّة. أمّا اليوم فقد أصبح التراضي كقاعدة عامّة كافياً لانعقاد العقد، فلم يعد هناك مقتضىً لإحلال التسليم محلّ الشكل، وقد قلّلت بعض التقنينات الحديثة عدد هذه العقود العينيّة، فاستبقى التقنين المدنيّ الألمانيّ منها القرض ورهن الحيازة، ولم يستبق تقنين الالتزامات السويسريّ إلّا رهن الحيازة وحده(1). انتهى ما أردنا نقله عن الوسيط.

 

الجذور العقلائيّة لاشتراط القبض:

أقول: إنّ العقود الأربعة التي نقل عن القانون المصريّ القديم والقانون الفرنسيّ عينيّتها واعترض عليهما بأنّ هذه العقود لئن كانت قديماً عينيّة كان لذلك ما يبرّره، لأنّ العينيّة كانت تعني تخفيفاً عن الشكليّة. أمّا اليوم فبعد أن أصبح التراضي كقاعدة عامّة كافياً فلا مبرّر لشرط التسليم والقبض في هذه العقود. أقول: إنّ أكثر هذه العقود توجد لعينيّتها جذور عقلائيّة بقطع النظر عمّا ذكره. وتوضيح ذلك:

إنّ العارية ـ بحسب مصطلح المحقّق النائينيّ (رحمه الله) ـ عقد إذنيّ، قوامها بالإذن حدوثاً وبقاءً، وفي أيّ لحظة تراجع المعير عن إذنه بطلت العارية، وعندئذ ما معنى انعقاد العارية بلا قبض؟! هل يعني أنّ للمستعير أن يستفيد من العين من دون قبض؟ فمن الواضح أنّ الاستفادة منها لا تنفكّ عن القبض، أو يعني أنّ المعير لا يجوز له التراجع عن إذنه حتى قبل القبض؟ فمن الواضح أنّ العارية عقد إذنيّ قوامها بالإذن حدوثاً وبقاءً، أو يعني أنّ مجرّد إذن المعير في التصرّف الذي


(1) راجع الوسيط 1: الفقرة 42 ـ 49.