المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

200

رسميّة يدوّن فيها العقد. ولم يبق في القانون الحديث إلّا عدد قليل من العقود الشكليّة، الغرض في استبقاء شكليّتها هو في الغالب تنبيه المتعاقدين الى خطر ما يقدمون عليه من تعاقد، كما في الهبة والرهن.

والقانون لم يبلغ مستوى الاعتراف بجعل الأصل في العقود كونها رضائيّة طفرة، بل تطوّر إليها تدرّجاً.

فالقانون الرومانيّ بدأت العقود فيه تكوّن شكليّة تحوطها أوضاع معيّنة من حركات وإشارات وألفاظ وكتابة. أمّا مجرّد توافق إرادتين فلا يكون عقداً ولا يولِّد التزاماً، فكان المدين يلتزم لا لسبب سوى أنّه استوفى الأشكال المرسومة، ويكون التزامه صحيحاً حتى لو كان السببب الحقيقيّ ـ الذي من أجله التزم ـ لم يوجد أو لم يتحقّق، أو كان غير مشروع، أو كان مخالفاً للآداب.

فالعقد الشكليّ كان عقداً مجرّداً، صحّته تستمدّ من شكله لا من موضوعه ولكن الحضارة الرومانيّة ما لبثت أن تطوّرت وتعقّدت سبل الحياة، فكان من ذلك توزيع العمل والحاجة الى كثرة التبادل ووجوب السرعة في المعاملات، واقترن هذا كلّه بتقدّم في التفكير القانونيّ أدّى الى التمييز بين الشكل والإرادة في العقد، وإعطاء الإرادة قسطاً من الأثر القانونيّ، ودعا هذا إلى اعتبار الاتّفاق موجوداً بمجرّد توافق الإرادتين، والشكل ليس إلّا سبباً قانونيّاً للالتزام قد توجد أسباب غيره. ومن ثمَّ ظهر الى جانب العقود الشكليّة العقود العينيّة والرضائيّة والعقود غير المسمّـاة، ولكن القانون الرومانيّ لم يقرّر في أيّ مرحلة من مراحله مبدأ سلطان الإرادة في العقود بوجه عامّ.

أمّا في العصور الوسطى فلم تنقطع الشكليّة وتستقلّ الإرادة بتكوين العقد إلّا تدرّجاً، و قد استمرّت الشكليّة في أوضاعها السابقة الذكر الى نهاية القرن