المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

192

نتائج قانونيّة، وهي إمّا أن تكون صادرة من جانبين أو من جانب واحد.

فالوقائع الطبيعيّة كالجوار والقرابة يرتّب عليها القانون التزامات معيّنة لاعتبارات ترجع للعدالة والتضامن الاجتماعي، لذلك يصحّ إسناد هذه الالتزامات للقانون مباشرة، فيكون هو مصدرها.

وأمّا الوقائع الاختياريّة، فإن كانت أعمالا مادّية مؤثّرة في العلاقات القانونيّة عن طريق الإضرار فهذه هي التي تسمّى بالعمل غير المشروع، وإن كانت أعمالا مادّية مؤثّرة عن طريق النفع، فهذه هي التي تسمّى بالإثراء بلا سبب، وإن كانت أعمالا قانونيّة صادرة من جانبين فهي العقد، أو من جانب واحد فهي الإرادة المنفردة.

أقول: إنّ هذا الأساس العلميّ لا يخلو من نقاش، لأنّنا نتساءل: ماذا يقصد بالوقائع الطبيعيّة؟ هل يقصد بها ما يكون خارجاً عن إرادة الإنسان؟ أو يقصد بها ما لا يكون متقوّماً بإرادة الإنسان ويمكن صدوره بلا إرادة؟ فإن قصد الأوّل فمثل الجوار والقرابة قد يحصل بالإرادة فيخرج من القسم الأوّل الذي فرض فيه أنّ القانون هو مصدر الالتزام، فقد يجاور الإنسان شخصاً بالاختيار، وقد يولد الإنسان زوجته بالاختيار فتتولّد قرابة الاُبوّة والبنوّة. و إن قصد الثاني دخل العمل غير المشروع في هذا القسم الأوّل لأنّه ليس متقوّماً بالإرادة، فلو أتلف شخصٌ مال شخص بلا إرادة واختيار ضمن له.

وكان الأولى به أن يقول ـ بدلا عن إبراز هذا الأساس العلميّ المزعوم ـ: إنّ هناك أسباباً بارزة للالتزام كثيرة الوقوع خارجاً وهي: العقد، والإرادة المنفردة، والعمل غير المشروع، والإثراء بلا سبب، وهناك أسباباً متفرّقة ومتشتّتة جمعناها تحت عنوان واحد وهو القانون.