المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

191

الخمـاسيّ بل إنّ هـذا الترتيب سيستخلص من التبويب الـذي اتّخـذته هـذه التقنينات.

هذا، وذكر السنهوريّ أنّ هذا الترتيب لمصادر الالتزام تغلب فيه الناحية العمليّة، وينقصه الأساس العلميّ الذي يرتكز عليه، فلا يكفي أن نقول: إنّ هذه مصادر الالتزام، بل يجب إرجاع هذه المصادر إلى اُصول علميّة منطقيّة.

وخلاصة ما قال في إرجاع هذه المصادر إلى اُصول علميّة هي: أنّ الوقائع في العالم هي التي تؤدّي إلى التغيير في العلاقات القانونيّة الموجودة، ولو سكن كلّ شيء لبقيت العلاقات القانونيّة على حالها، فإذا حدثت بعد ذلك أيّة حركة فقد يكون من شأنها أن تعدّل في هذه العلاقات. وهذه الحركة هي التي نسمّيها (بالواقعة)، فإذا كان من شأنها أن تنتج أثراً قانونيّاً سمّيت بـ (الواقعة القانونيّة)، وهي إمّا أن تكون راجعة لإرادة الإنسان واختياره، أو لا تكون كذلك، بل هي من عمل الطبيعة. فالوقائع الطبيعيّة المؤثّرة في تلك العلاقات مثالها الجوار والقرابة ونحوهما ممّا يرتّب عليه القانون إلتزامات معيّنة. أمّا الوقائع الاختياريّة فهي إمّا أعمال مادّيّة أو أعمال قانونيّة.

والأعمال المادّية هي التي لا تتقوّم بإرادة إحداث الأثر في الروابط القانونيّة كالأكل والمشي والحديث مع الناس ومعاشرتهم ونحو ذلك، فقد يريد صاحبها بها إحداث أثر قانونيّ جديد، وقد لا يريد. وهذه الأعمال تأثيرها في إحداث أثر قانونيّ إمّا أن يكون على أساس كونها أعمالا غير مشروعة تصدر من المدين فتفقر الدائن دون حقّ وهو العمل المادّيّ الضارّ، أو على أساس كونها أعمالا مشروعة نافعة تغني المدين على حساب الدائن.

والأعمال القانونيّة هي الأعمال الإراديّة المحضة المتّجهة نحو إحداث