المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

189

الملتزم ليس هو الشخص الذي دفع الدَين أو أقام البناء. ومعروف أنّ سبب الالتزام يتّصل بشخص المدين لا بشخص الدائن، فهذا السبب يرجع إلى إثراء المدين دون سبب على حساب الدائن، فوجب عليه التعويض، فالإثراء دون حقّ هو إذن مصدر الالتزام وهو عمل غير مشروع.

ويذهب الاُستاذ بلانيول إلى أنّ للالتزام مصدرين اثنين: العقد، والقانون. ويردّ شبه العقد والجريمة وشبه الجريمة جميعاً إلى القانون، ذلك أنّ الالتزامات التي تنشأ من هذه المصادر الثلاثة ليست إلّا التزامات جزائيّة قامت بسبب الإخلال بالتزامات قانونيّة. ففي شبه العقد أثرى شخص على حساب غيره فأخلّ بالتزام قانونيّ هو أن لا يثري دون حقّ على حساب الغير. وكذلك في الجريمة وشبهها أخلّ بالقانون عن عمد أو غير عمد وينشأ عن الإخلال في كلّ هذه الاُمور بهذا الالتزام القانونيّ التزام جزائيّ فرضه عليه القانون وهو التعويض.

وفرق هذه الالتزامات الجزائيّة عن الالتزامات القانونيّة الأصلية أنّها ليست درءاً لضرر قد يقع في المستقبل، بل هي تعويض عن ضرر قد وقع في الماضي. على أنّه يلاحظ أنّ هذه الالتزامات الجزائيّة إنّما هي في الواقع الالتزامات القانونيّة ذاتها قد استحالت إلى التعويض على الوجه الذي تراه في الالتزامات التعاقديّة عندما تستحيل هي أيضاً إلى تعويض إذا لم يمكن تنفيذها عيناً، فكل التزام غير تعاقديّ يكون التزاماً قانونيّاً إمّا في صورته الأصليّة وإمّا في صورة استحال فيها إلى تعويض، وهو في الصورة الاُولى يراد به درء ضرر قد يقع، وفي الصورة الثانية يراد به التعويض عن ضرر قد وقع.

وأورد الاُستاذ السنهوريّ على مقالة الاُستاذ بلانيول ما يلي:

أوّلا: أنّ القانون مصدر ولو بشكل غير مباشر لكلّ الالتزامات بما فيها