المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

188

والجريمة هي العمل الضارّ يأتيه فاعله متعمّداً الإضرار بالغير، كما إذا أتلف شخص عمداً مالا مملوكاً لغيره فينشأ عنه الالتزام بالتعويض.

وشبه الجريمة هو الجريمة بفرق عدم العمد، وصدوره عن الإهمال وعدم الاحتياط، لا عن تعمّد الضرر.

وناقش في ذلك الاُستاذ بلانيول، فذكر: أنّ تقسيم العمل غير المشروع باعتباره مصدراً للالتزام إلى جريمة وشبه جريمة بحسب وجود نيّة التعمّد أو انعدامها لا أهمّية له، لا من حيث نشوء الالتزام ولا من حيث ما يترتّب عليه من الأثر. فشبه الجريمة ينشئ التزاماً كالجريمة سواء بسواء، والتعويض يدفع كاملا في الحالتين.

أمّا شبه العقد فهو في نظر الاُستاذ بلانيول تعبير مضلِّل، ذلك أنّ أصحاب الترتيب التقليديّ يزعمون أنّ شبه العقد قريب من العقد في أنّه عمل إراديّ، وبعيد عن الجريمة وشبه الجريمة في أنّه عمل مشروع.

والواقع عكس هذا تماماً، فشبه العقد ليس إراديّاً، لأنّ الملتزم الذي أثرى على حساب الغير ويلتزم بالتعويض ليس هو صاحب الإرادة. وإذا كنّا في شبه العقد قد نصادف عملا إراديّاً في مبدأ الأمر، كما إذا أقام شخص بناءً على أرض الغير فينشأ الالتزام في ذمّة صاحب الأرض، فهذه الإرادة إنّما صدرت من قبل الملتزَم له لا من قبل الملتزِم كي تكون الإرادة مصدراً للالتزام.

وشبه العقد عمل غير مشروع، فإنّنا إذا تعمّقنا في تحليل الالتزام الذي ينشأ من شبه العقد فنحن وإن كنّا نقف عادةً عند العمل الذي يبدأ به شبه العقد وهو مشروع دون شكّ فمن يدفع دَيناً غير موجود أو يقيم بناءً على أرض الغير يقوم بأعمال مشروعة، ولكنّ هذا العمل المشروع ليس هو الذي ينشئ الالتزام، فإنّ