المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

182

لا من حيث أنّه ينشئ التزامات شخصيّة في جانب المتعاقدين، وهذا هو المعنىالبارز فى النزعة الذاتيّة، بل من حيث إنّه يثبت أثره في المعقود عليه، أي يغيّر المحلّ من حالة إلى حالة، وهنا تبرز النزعة الموضوعيّة التي أشرنا إليها. وسنرى أنّ هذه النزعة الموضوعيّة التي سادت الفقه الإسلاميّ لها أثر كبير في مبادئه الأساسيّة، وفي تفصيلات أحكامه، وهي التي جعلته يأخذ بالإرادة الظاهرة دون الإرادة الباطنة(1).

أقول: إن كان المقصود بدلالة تعريف العقد في الفقه الإسلاميّ على النزعة الموضوعيّة لهذا الفقه الإشارة إلى ما يفهم من تعريف مرشد الحيران من اختصاص اسم العقد بالعقد الصحيح المؤثّر خارجاً دون الباطل الذي لا يثمر النقل والانتقال في المحلّ فمن الواضح أنّ مجرّد إدخال العقد الباطل في اسم العقد أو إخراجه عنه الذي لا يعود إلّا إلى مجرّد تسمية لفظيّة لا ينبغي أن يجعل شاهداً على النزعة الذاتيّة أو الموضوعيّة.

وإن كان المقصود الإشارة إلى أنّ العقد في الفقه الإسلاميّ يعتبر إنشاءً للتمليك مثلا بينما هو في الفقه الغربيّ يعتبر إنشاءً للالتزام بالتمليك فالموضوعيّة بهذا المعنى وإن كانت صحيحة لكن هذا لم ينشأ من افتراض نزعة موضوعيّة بشكل عامّ في الفقه الإسلاميّ. وسنوضّح إن شاء الله في محلّه ـ عندما نبحث ما أشار إليه السنهوريّ من الإرادة الظاهرة والإرادة الباطنة في العقد ـ بأنّ الفقه الإسلاميّ ملتزم في تلك المسألة بالجانب الذاتيّ لا الموضوعيّ، وأنّ المقياس في نظر الفقه الإسلاميّ هي الإرادة الباطنة، ولكنّها تجعل الإرادة الظاهرة دليلا على الإرادة الباطنة.


(1) مصادر الحقّ 1: 77.