المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

179

إلى أن يجعلوا هذا القبض أمراً صوريّاً، فكانوا يكتبون في بياعاتهم أنّ القبض قد تمّ، فكان من وراء هذا القبض الصوريّ أن تنتقل الملكيّة إلى المشتري، والمفروض أنّها انتقلت بالقبض، والواقع أنّها انتقلت بذكر حصول القبض في العقد، على أنّ ذكر حصول القبض ما لبث أن أصبح هو أيضاً شرطاً مألوفاً في عقد البيع، أي شرطاً ضمنيّاً لا حاجة إلى التصريح به.

وقال صاحب الوسيط: قد جاوز الفقه الإسلاميّ هذه المرحلة التي وصل إليها القانون الفرنسيّ القديم فجعل الملك ينتقل بالعقد مباشرة.

وعلى أيّة حال، ففي القانون الفرنسيّ الحديث لمّا رأى واضعو تقنين نابليون إلى أين انتهى التطوّر في القانون الفرنسيّ القديم على النحو الذي أسلفناه خطوا آخر مرحلة من مراحل هذا التطوّر، فجعلوا البيع ذاته ناقلا للملكيّة، لا بمعنى أنّ البيع إنشاء للتمليك، بل هو لا زال إنشاء للالتزام بنقل الملكيّة، ولكنّه يتمّ نقل الملكيّة كقاعدة عامّة فوراً بمجرّد نشوء الالتزام، فينتهي الالتزام، وذلك لدى توافر شروط معيّنة من التسجيل في العقار والإفراز في المنقول الذي يكون كلّيّاً وغير معيّن بالذات مع عدم فقدان شرط يتّفق عليه المتبايعان، كما لو اتّفقا على أن لا تنتقل الملكيّة إلّا عند تسليم المبيع إلى المشتري مثلا، فإن لم تكن هذه الشروط متوفّرة انفصلت الملكيّة عن الالتزام، فالبيع قد أوجد الالتزام بنقل الملك، ولكن النقل يتحقّق في زمن متأخّر متى ما توفّرت الشروط. أمّا لو كانت هذه الشروط متوفّرة حين العقد فالالتزام بنقل الملكيّة يتمّ تنفيذه فوراً بحكم القانون، وفي صورة عدم توافر الشروط يجب على البائع تهيئة المقدّمات اللازمة لتوافرها وفاءً بما التزم به، وبعد أن أصبح البيع ناقلا للملكيّة بالمعنى الذي عرفت صار بيع ملك الغير لا يتلاءم مع طبيعة البيع، فحكموا ببطلانه.