المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

178

منع أيّ عمل يكدّر على المشتري حيازته، إذ هو ضامن له التعرّض والاستحقاق وجلب موافقة المالك.

وهنا يذكر صاحب الوسيط: أنّ البيع في القانون الرومانيّ إذا كان لا يستلزم نقل الملكيّة كان من طبيعته نقلها. والدليل على ذلك أمران:

(أوّلهما) أنّه كان يجوز للمشتري أن يشترط في عقد البيع على البائع أن ينقل له ملكيّة المبيع، وكان هذا الشرط صحيحاً لأنّه يتآلف مع طبيعة البيع، وعند ذلك كان على البائع أن ينقل ملكيّة المبيع للمشتري ولا يقتصر على نقل الحيازة الهادئة.

(والأمر الثاني) أنّه كان لا يجوز للبائع أن يشترط على المشتري أن لا ينقل له ملكيّة المبيع، فهذا الشرط يتنافى مع طبيعة البيع، ومن ثمّ كان غير جائز.

أقول: الصحيح من هذين الدليلين هو الدليل الثاني دون الأوّل، لأنّ مجرّد صحّة شرط التمليك لا يدلّ على كون نقل الملكيّة من طبيعة البيع، بل يكفي في صحّة الشرط أن لا ينافي طبيعة البيع، وينبغي أن يكون المراد من التدليل على كون التمليك من طبيعة البيع إبراز نقطة للضعف في القانون الرومانيّ لاستبطانه ـ في الحقيقة ـ نوعاً من التناقض، حيث يفترض عدم مملّكيّة البيع، ثمّ يفترض بطلان شرط عدم التمليك الذي هو شاهد على إحساسهم في قرارات أنفسهم بمملّكيّة البيع، ممّا يدلّ على أنّ قانونهم يخالف المرتكزات العقلائيّة.

وعلى أيّة حال فعندما انتقلت أحكام القانون الرومانيّ في هذا الصدد إلى القانون الفرنسيّ القديم كان البيع في هذا القانون أيضاً لا ينقل الملكيّة ولا يرتّب التزاماً بنقلها، وكان بيع ملك الغير صحيحاً، ولكن دخل بعض التطوّرات على وضع البيع: فأوّلا أصبح المملّك هو القبض وحده بعد أن اختفى الإشهاد والتنازل القضائيّ عن ساحة المملّكيّة. ثمّ أدّى تطوّر القانون الفرنسيّ القديم طوال مراحله