المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

177

للالتزام بفعل ذلك، وهذا بقيّة تخلّف في فقههم موروث من فقههم المتخلّف القديم. وإليك خلاصة من التطوّر التاريخي لذلك بالنسبة للبيع مأخوذة من كتاب الوسيط(1):

كان البيع في القانون الرومانيّ عقداً لا ينقل الملكيّة بذاته، بل لم يكن البيع يرتّب في ذمّة البائع التزاماً بنقل الملكيّة، وكان كلّ ما يلتزم به البائع بمجرّد البيع ـ ما لم يوجد شرط صريح في العقد يلزمه بنقل الملكيّة ـ هو أن ينقل إلى المشتري حيازة هادئة بموجبها يضع يده على المبيع كمالك دون أن يتعرّض له أحد، ودون أن يتعرّض له البائع نفسه، فكان البائع ـ إلى جانب التزامه بنقل هذه الحيازة ـ يلتزم أيضاً بضمان التعرّض الصادر من جهته هو أو الصادر من أجنبيّ، وكان هذا يعتبر كافياً لتحقيق الغرض الذي يستهدفه البيع، فما دام المشتري واضعاً يده على المبيع يحوزه حيازة هادئة وينتفع به بجميع الطرق المشروعة دون أن يتعرّض له أحد في ذلك، فما عليه أن لا يكون مالكاً وقد حوى في يده جميع الميّزات التي يتوخّاها من كسب هذه الملكيّة؟

أمّا الذي كان ينقل الملكيّة فليس هو مجرّد إنشاء العقد، بل هو أمر مادّي من الإشهاد أو التنازل القضائيّ أو التقادم بمعنى بقاء العين في يد المشتري مدّة محدّدة من الزمن، أو في بعض الأحيان مجرّد القبض على الأقلّ.

وكان يترتّب على عدم مملكيّة البيع أنّ الشخص كان يستطيع بيع ملك غيره، وكان بيع ملك الغير صحيحاً ما دام البائع ـ دون أن يكون مالكاً ـ قادراً على نقل حيازة المبيع إلى المشتري بالنحو الذي أسلفناه، وقادراً في الوقت ذاته على


(1) راجع الوسيط 4: الفقرة 229 - 236.