المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

117

وكان الأولى به (رحمه الله) أن يدفع الإشكال ببيان أعمق وهو أن يتجاوز الأعمال في معرفة مصبّ الحقّ إلى الأموال التي تتعلّق بها تلك الأعمال، ويقول: إنّ مصبّ حقّ الفسخ هي العين المباعة، ومصبّ حقّ المارّة هي الثمرة التي تؤكل. إذن فكلّ الحقوق في واقعها تتعلّق بالأموال كالملك، وإن صحّ أحياناً التعبير العرفيّ عن ذلك بمثل تعلّق الحقّ بالفسخ أو بالأكل.

وثالثاً: أنّ تفسيره للخيار بحقّ الفسخ والإمضاء غير صحيح، وإنّما الخيار هو حقّ الفسخ. وأمّا الإمضاء فهو إسقاط للخيار، وإسقاط الخيار غير الخيار. نعم، قد يقال بالنسبة لصاحب المال الذي باعه الفضوليّ: إنّ له حقّ الإمضاء والردّ.

ورابعاً: أنّ قوله: إنّ حقّ الخيار ليس هو حقّ الفسخ والإمضاء معاً لعدم إمكان الجمع بينهما ولا حقّ أحدهما، لأنّ أحدهما المردّد لا ثبوت له، ثمّ حلّه للإشكال بأنّ حقّ الفسخ هو حقّ ترجيح أحد الأمرين على الآخر.

أقول: هذا الكلام من أطرف ما جاء في بحثه (رحمه الله)، ولا أدري لماذا لم يكرّر السؤال على نفسه من أنّ ما اُضيف إليه (الترجيح) في فرض تعلّق الحقّ بترجيح أحد الأمرين هل هو كلا الأمرين معاً أو أحدهما المردّد؟ والأوّل مستحيل، لعدم إمكان الجمع بينهما. والثاني باطل، لأنّ أحدهما المردّد لا ثبوت له. والواقع أنّ الخيار إذا كان بمعنى حقّ الفسخ والإمضاء إذن هو متعلّق بالفسخ والإمضاء معاً، ولكن كلمة (معاً) هنا ليست بمعنى المجموع، بل بمعنى الجميع، فله حقّ الفسخ وله حقّ الإمضاء، وهو تكويناً عاجز عن الجمع في إعمال الحقّ بين الأمرين، وهذا ما يصاغ عرفاً بصياغة (تعلّق الحقّ بأحدهما). فعنوان أحدهما قالب ذهنيّ يصوغه الذهن لصبّ بعض أحكامه عليه في عالَمه، والاستفادة منه خارجاً سيتجسّد في فرد معيّن لا في فرد مردّد.