المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

96

الأرض لهلكنا، وقد مضى منّا بحث في أدلّة وجود الله في شرح الحكمة المسيطرة على العالم ما ينفع كثيراً هنا.

قد تقول: لعلّ هذا الترابط والتناسق والنظم الحكيم نتيجة الكمال المطلق لكلّ واحد من الآلهة المتعدّدة ممّا جعلهم يسلكون جميعاً مسلكاً حكيماً واحداً في خلق العالم وإدارته.

ولكنّا نقول: إنّ الكمال المطلق يعني نفي الحدّ عن الوجود على الإطلاق، وهذا يؤدّي بنا إلى الرجوع إلى ما مضى من البرهان الفلسفي على وحدانية الله، ومفروضنا في الوقت الحاضر التنازل عن ذلك، وهو مساوق للتنازل عن الكمال المطلق.

وقد تقول: إنّ هؤلاء الآلهة المتعدّدين وغير الكاملين توافقوا بتفاهم سابق في ما بينهم على طريقة معيّنة في الخلق والتدبير سنخ توافق عدد أعضاء هيئة معيّنة على طريقة إيجاد شركة معيّنة وإدارتها.

ولكنك ترى دائماً شيئاً من الفطور والخلل ولو يسيراً في المؤسّسات المدارة من قبل هيئة لا تجده في ما يرأسها شخص واحد، بالرغم من أنّ نسبة تلك الشركة أو المؤسّسة إلى العالم أضأل من نسبة القطرة إلى البحر.

أمّا بلحاظ هذا العالم الواسع العظيم ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُور * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِير﴾(1).

التقرير الثاني: نحن إذا غضضنا النظر عن البرهان الفلسفي، أي عن برهان الصدّيقين، في ما انتهى إليه: من أنّ الوجود المستقل بما أنّه كامل مطلق فلا يقبل


(1) س 67 الملك، الآية: 3 ـ 4.