المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

93

لوجود الخالق؛ إذ لو كان يحقق نفي الوجود التبعي امتداداً لوجود الخالق لكان هذا الامتداد وجوداً تبعيّاً، وهذا خلفٌ، فكذلك ثبوت الوجود التبعي لا يحقّق حدّاً لوجود الخالق؛ وعليه فالتوحيد الذاتي ـ بمعنى نفي تعدّد واجب الوجود ـ يكون من لوازم وجوب الوجود وذاتيّته واستقلاله.

ثُمّ إنّ البعض يقول: «إنّ التوحيد الذاتي يفسّر بمعنيين، الأوّل: أنّه واحد لا مثل له، والثاني: أنّه أحد لا جزء له، ويعبّر عن الأوّل بالتوحيد الواحدي وعن الثاني بالتوحيد الأحدي»(1).

فإن مشينا على هذا الاصطلاح فما ذكرناه من البرهان يتكفّل بإثبات التوحيد بكلا المعنيين: أمّا الأوّل فقد أوضحناه، وأمّا الثاني فلأنّ الوجود المستقل الذي لا حدّ له ولا ماهيّة بل هو صرف الوجود لا يعقل له جزء، وإلّا لتمّ برهان الإطلاق على كل جزء منه فلم يبق مجال للجزء الآخر، وهو خلف.

 

الدليل العلمي:

قال عزّ من قائِل:

1 ـ ﴿ما تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُت فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُور * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِير﴾(2).

2 ـ ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُون﴾(3).

3 ـ ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَد وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَه إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَه بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ


(1) راجع الالهيّات 1: 373.

(2) س 67 الملك، الآية: 3 ـ 4.

(3) س 21 الأنبياء، الآية: 21 ـ 22.