المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

64

ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين)(1).

ورد في توحيد المفضّل: «قال المفضّل: فقلت: صف نشوء الأبدان ونموّها حالاً بعد حال حتّى تبلغ التمام والكمال. فقال(عليه السلام): أوّل ذلك تصوير الجنين في الرحم حيث لا تراه عين ولا تناله يد، ويدبّره حتّى يخرج سويّاً مستوفياً جميع ما فيه قوامه وصلاحه من الأحشاء والجوارح والعوامل إلى ما في تركيب أعضائه: من العظام واللحم والشحم والمخّ والعصب والعروق والغضاريف...»(2).

سبحان الذي كشف الغطاء قبل أربعة عشر قرناً عن المراحل الهامّة للجنين حينما لم يكن يمكن للعلم امتلاك الوسائل التي تكشف عن وضع الجنين الذي يعيش في ظلمات ثلاث(3): البطن والرحم والمشيمة، ثُمّ اكتشف العلم ذلك بوسائله بعد حين، فكانت نفس المراحل وهي: النطفة ـ وهذه كانت معلومة بالحسّ منذ البدء ـ ثُمّ العلقة بمعنى تبدّل النطفة إلى دم منجمد، ثُمّ المضغة بمعنى قطعة لحم بمقدار تمضغ، ثُمّ العظام بمعنى تبدّل تلك القطعة بالعظام، ثُمّ إلباس العظام اللحم، فسبحان الذي أخبر قبل ولادة العلم عن أنّ خلق العظام في الجنين يكون قبل اللحم ثُمّ يكسوه اللحم، ومن كان يعلم أنّه هل يخلق اللحم أوّلاً ثُمّ يخلق في وسطه العظام، أو هل يتحوّل لحم المضغة إلى العظام ثُمّ تكسى العظام لحماً؟!

وأمّا المرحلة الأخيرة للجنين ـ وهي مرحلة نفخ الروح ـ فقد عبّر عنها


(1) س 23 المؤمنون، الآية: 12 ـ 14.

(2) البحار 3: 68، الباب 4 من كتاب التوحيد.

(3) إشارة إلى الآية 6 من سورة 39 الزمر.