المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

58

خلف إنسان العين تتحرّك بذاتها وتتغيّر تبعاً لما يناسب وضع الظاهرة التي اُريد إبصارها؛ لأنّها عضو حيّ ويصغر قطرها لحدّ واحد ونصف ميليمتر ويتّسع لحدّ ثمانية ميليمترات لقرب أو بعد الظاهرة التي اُريد إبصارها، وهذه العدسة تعكس النور على شبكة مؤلّفة من سبع طبقات منفصلة عن بعضها، ولا يبلغ سمك مجموعها ما يزيد على ورقة رقيقة، وتلك الطبقات هي المعروفة بالصلبية ـ وهي بياض العين ـ والعنبيّة والمشيميّة والجلديّة والزلاليّة والزجاجيّة والشبكيّة، ولكلّ واحدة منها بناؤها المتقن الدقيق، وأقل إخلال في أيّ واحدة منها يفسد الإبصار. وآخر طبقات هذه الشبكة تتكوّن من ثلاثين مليوناً من الأعواد وثلاثة ملايين من المخروطات، وقد نظّمت هذه الأعواد والمخروطات تنظيماً محكماً رائعاً إلّا أنّ الأشعّة الضوئية ترتسم عليها بصورة معكوسة، فزوّد جهاز الإبصار وراء تلك الشبكة بملايين من خويطات الأعصاب، وعندها تحدث بعض التغييرات التي يتدارك بها ما أشرنا إليه من انعكاس الصورة بشكل مقلوب، وأخيراً يتمّ إدراك الصورة بوضعها الصحيح. وهذا جزءٌ من كلّ في مقام توضيح عمليّة الإبصار، فهل يكون هذا الجهاز الجبّار الذي يضمن عملية الإبصار بأفضل وجه من فعل المادّة على غير هدى وقصد مع أنّ مجرد كشفه يحتاج إلى جهود فكريّة جبّارة(1) ؟!

 

الثالث ـ جهاز الهضم:

قال اُستاذنا الشهيد الصدر(قدس سره): «جهاز الهضم أعظم معمل كيميائي في العالم بما يتفنّن به من أساليب تحليل الأغذية المختلفة تحليلاً كيميائياً مدهشاً،


(1) پيام قرآن 2: 437، وفلسفتنا: 342 ـ 343، والفتاوى الواضحة: 38 ـ 39.