المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

56

والحيوانية ـ لا يولَد إلّا من كائن عضوي أو حيّ، ففي داخل الحبّة أو النوى توجد خلية حيّة غير الموادّ الغذائية، وهي التي تنفلق وتتغذّى من ذاك الغذاء وتنمو، وكذلك توجد في نطفة الإنسان أو الحيوان خلايا حيّة هي التي تكون مبدأً لإنسان آخر أو حيوان آخر.

ومن الطريف ما يقوله العالم السوفياتي اوبارين من أنّ بعث الحياة عن طريق التفاعل المادّي لا يزال ممكناً في كواكب اُخرى غير كوكبنا، وإنّما تركت المادّة تبديل الكائن غير العضوي إلى العضوي اليوم في كوكبنا لأنّه لم تعد حاجة إلى ذلك، ولم يبق له لزوم ما دامت النتيجة المطلوبة تتحقّق عن طريق أسرع وأقرب وهو توالد الكائنات الحيّة(1).

وهذا كما ترى كلام غريب حقّاً، فلاحظه كيف يفترض استغناء الطبيعة عن عملية التكاثر الذاتي بسبب أنّها عملية لا لزوم لها بعد أن وجدت الطريق الأسرع والأقرب إلى إنتاج الحياة، وكأنّه يتكلّم عن قوّة عاقلة واعية تترك عملية شاقّة بعد أن تجد الطريق الأيسر!(2)، فسبحان الذي أودع سرّ الحياة في الخلية أو الخلايا الاُولى.

ومن هنا يتوجّه سؤال وهو: أنّ توالد الكائنات العضوية الحيّة إن لم يكن إلّا من مثيلاتها فما معنى قوله سبحانه وتعالى:﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَي﴾(3)؟

ويمكن الجواب عن ذلك بوجوه:

الوجه الأوّل: إنّ الحياة الإنسانيّة أو الحيوانيّة تختلف عن حياة الخلايا


(1) فلسفتنا: 345.

(2) المصدر السابق.

(3) س 6 الأنعام، الآية: 95.