المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

54

وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُون)(1).

صدر الآية المباركة خارج عن مقطعنا الحالي من البحث، وهو البحث عن الحياة الإنسانية والحيوانية، ولكن لا بأس بالإشارة بالاستطراد إلى أنّه يلفت النظر أيضاً إلى آية عظيمة من آيات الله، وهي انفلاق الحبّة الصلدة عن زهرة لطيفة وظريفة تنتهي في سيرها إلى شجرة يانعة مثمرة، فسبحان خالقها وبارئها.

وحديثنا الآن في ذيل الآية الذي يشير ـ كعديد آخر من الآيات ـ إلى أنّ أصل الحياة من الآيات الباهرات لوجود الله جلّت عظمته، فنحن في الأمثلة السابقة كنّا نعدّ شرائط الحياة من آياته عزّ وجلّ، في حين أنّ هذه الآية تناولت أصل الحياة وجعلتها آية عظمة الله جّل جلاله، فالحياة من أعجب عجائب الخلق، وقد عجز أكابر المفكّرين ونوابغهم العظماء عن دركها أو تفسير نشوئها فضلاً عن خَلقها وإيجادها، ويحتمل أن يكون قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا﴾(2) إشارةً إلى أنّ سرّ الحياة سيبقى مجهولاً للبشريّة إلى الأبد.

وأيضاً يشير إلى الفاصل الحدّي بين خلق المادّة وخلق الحياة أو الروح قوله سبحانه وتعالى ـ بعد ذكر المراحل الماديّة للجنين ـ: ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين﴾(3).

والشيء الملفت للنظر في الحياة اُمور:

 


(1) س 6 الأنعام، الآية: 95.

(2) س 17 الإسراء، الآية: 85.

(3) س 23 المؤمنون، الآية: 14، وتمام الآية ما يلي:﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ مِن سُلاَلَة مِّن طِين (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين(14)﴾.