المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

53

والحيوان، وافترضنا عدم كشف العلم عن هذه الظاهرة في النباتات أو في أيّ شيء آخر لكفت نفس تلك الظاهرة بمقدارها الذي يدركه كلّ أحد آيةً لحكمة الله تعالى، كما ورد في الحديث المعروف بتوحيد المفضّل قوله(عليه السلام): «انظر الآن يا مفضّل، كيف جعلت آلات الجماع في الذكر والاُنثى جميعاً على ما يشاكل ذلك، فجعل للذكر آلة ناشزة تمتدّ حتّى تصل النطفة إلى الرحم إذ كان محتاجاً إلى أن يقذف ماءه في غيره، وخلق للاُنثى وعاءٌ قعر ليشتمل على المائين جميعاً، ويحتمل الولد ويتّسع له ويصونه حتّى يستحكم، أليس ذلك من تدبير حكيم لطيف سبحانه وتعالى عمّا يشركون؟

فكّر يا مفضّل في أعضاء البدن أجمع وتدبير كلّ منها للإرب؛ فاليدان للعلاج والرجلان للسعي، والعينان للاهتداء، والفم للاغتذاء، والمعدة للهضم، والكبد للتخليص، والمنافذ لتنفيذ الفضول، والأوعية لحملها، والفرج لإقامة النسل، وكذلك جميع الأعضاء إذا تأمّلتها وأعملت فكرك فيها ونظرك وجدت كلّ شيء منها قد قدّر لشيء على صواب وحكمة.

قال المفضّل: فقلت: يا مولاي، إنّ قوماً يزعمون أنّ هذا من فعل الطبيعة. فقال: سلهم عن هذه الطبيعة أهي شيء له علم وقدرة على مثل هذه الأفعال أم ليست كذلك؟ فإن أوجبوا لها العلم والقدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق؟ فإنّ هذه صنعته، وإن زعموا أنّها تفعل هذه الأفعال بغير علم ولا عمد وكان في أفعالها ما قد تراه من الصواب والحكمة علم أنّ هذا الفعل للخالق الحكيم، وأنّ الذي سمّوه طبيعة هو سنّة في خلقه الجارية على ما أجراها عليه»(1).

7 ـ الحياة. قال الله تعالى:﴿إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ


(1) البحار 3: 66 ـ 67، الباب 4 من كتاب التوحيد.