المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

48

الثاني: ما هو مختار اُستاذنا الشهيد(قدس سره) وقد حقّقه ونقّحه بما لا مزيد عليه في كتابه (الاُسس المنطقية) من إرجاع ذلك إلى حساب الاحتمالات على أساس أنّ احتمال الصدفة في كلّ جزئيّ من جزئيات تصرّف هذا الشخص يساوي النصف مثلاً، فلو ضرب في قيمة احتمال ما يماثله في جزئي آخر تنزّل احتمال مجموع الصدفتين إلى الربع، وهكذا يزداد ضرب الاحتمال بعدد الجزئيات التي تفوق ملايين المرّات، وبالنتيجة يضعف احتمال الصدفة إلى ما يصعب حسابه ويكاد أن يسمّى بما لا نهاية له، وبالتالي يضمحلّ هذا الاحتمال من النفس وفق نُظم وقوانين مشروحة في كتاب الاُسس المنطقية، ولا مجال لنا هنا لشرحها وإنّما نكتفي بوجدانيّة ذلك في نفس كلّ إنسان في مجموعة حياته ومواقفه باتجاه اُمور تكتشف ليل نهار عن طريق حساب الاحتمالات.

وعلى كلّ واحد من هذين الفرضين ـ أعني فرض استحالة أكثرية الصدف بداهةً، أو فرض حساب الاحتمالات ـ فالمهم أنّه لا شك لدى كلّ عاقل سويّ متعارف في صحّة هذه المقدّمة.

وأمّا المقدّمة الثانية: وهي نظم العالم وإتقانه ودلائل القصد والحكمة والحنكة فيه، فهذا الأثر أمر واضح ومحسوس بالعيان في الآفاق والأنفس جميعاً، وحمل ذلك على الصدفة الحاصلة من الطبيعة العمياء يفوق في سخفه وغرابته آلاف المرّات على حدّ تعبير اُستاذنا الشهيد(قدس سره)(1) من سخف من يجد ديواناً ضخماً من أروع الشعر وأرقاه أو كتاباً علميّاً زاخراً بالأسرار والاكتشافات، فيزعم أنّ طفلاً كان يلعب بالقلم على الورق فاتّفق أن ترتّبت


(1) فلسفتنا: 351.