المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

47

الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَات لِّقَوْم يَعْقِلُون﴾(1)، ﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُور * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِير﴾(2).

 

تحليل برهان النظم

 

وبرهان النظم يمكن تحليله إلى مقدّمتين:

المقدّمة الاُولى: أنّه لا إشكال في أنّ آثار العقل والشعور ونتائج النظم والحكمة تدلّ على عقل الفاعل وحكمته، ولا يحمل كلّ ما صدر عنه من الحركات المعقولة الحكيمة على مجرّد الصدفة.

المقدّمة الثانية: إنّ النظم الحاكم في العالم وقرائن الحكمة والقصد فيه تفوق كلّ علامات العلم والعبقريّة في تصرّفات أيّ عبقريّ في العالم بشكل لو قسنا علامات نبوغ هذا العبقريّ أو ذاك في أفعاله إلى نظم العالم وإتقانه وحكمته لكانت النسبة أصغر من نسبة القطرة إلى البحر، فلا يبقى شكّ في أنّ العالم مصنوع لعليم حكيم خبير.

أمّا المقدّمة الاُولى: فلها أحد جذرين:

الأوّل: ما يذكر في المنطق الصوري من أنّ الصدفة يستحيل بالبداهة أن تكون أكثرية، فلئن كان الفاعل إنساناً مجنوناً لا يعي ما يفعل ولا يقصد هدفاً معقولاً من وراء فعله، ومع ذلك لم تر في آلاف من تصرّفاته إلّا ما يناسب القصد والشعور لكان معنى ذلك أنّ الصدفة أصبحت أكثرية أو دائمية، وقد قلنا: إنّ هذا محال.

 


(1) س 2 البقرة، الآية: 164.

(2) س 67 الملك، الآية: 3 ـ 4.