المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

46

بِمِثْلِهِ مَدَداً﴾(1)، ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَة أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(2).

وعلى هذا الأساس نعتقد أنّ العلم ـ بمعنى علم الطبيعة ـ يدعو إلى الإيمان، ولعله يشير إلى ذلك قوله سبحانه تعالى:﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَات مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالاَْنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾(3)، فإنّ الإشارة في صدر الآية إلى الآيات الطبيعية: من إنزال المطر وإخراج الثمرات واختلاف ألوانها واختلاف ألوان الطُرق الجبلية الحاكية عن المعادن الأرضية المختلفة تناسب أن يكون المقصود بالعلماء في قوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾هم علماء الطبيعة الذين يكتشفون أسرارها باستمرار.

الخامسة: إنّ البراهين الفلسفية بالقدر الذي شرحناها اقتصرت على إثبات الله، وأمّا صفاته تعالى فقد أجّلنا البحث عنها لما بعد الفراغ من بحث التوحيد، في حين أنّ هذا البرهان يمرّ في طريقه لإثبات الله على إثبات الحكمة والعلم والإدراك؛ لأنّه إنّما يثبت الله عن طريق آثار حكمته وعلمه: قال الله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيد﴾(4)، ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الليْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّة وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ


(1) س 18 الكهف، الآية: 109.

(2) س 31 لقمان، الآية: 27.

(3) س 35 فاطر، الآية: 27، 28.

(4) س 41 فصّلت، الآية: 53.