المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

43

وربّما تسمّى تلك المقدّمات الثلاث الاُخرى ببرهان الصديقين، لكنّني اُفضّل بقاء هذا الاسم وقفاً للبرهان الخامس.

 

البرهان الخامس ـ برهان الصديقين

وقد سمّي بذلك لأنّه خال من الاستدلال بغير واجب الوجود عليه بسبب بطلان الدور والتسلسل، بل هو استدلال بنفسه عليه، وهذا مبتن على أصالة الوجود وتحليل الوجود بالذي مضى في البرهان الرابع من وجود ذاتيّ مستقل، ووجود ربطيّ وتعلّقي وأنّ الأوّل هو الواجب والثاني هو الممكن.

وعندئذ نقول: إنّنا تارةً لا نؤمن بوجود أصلاً ونرى رأي السوفسطائيين ومعه لا معنى للوصول إلى واجب الوجود، واُخرى نبني على ما هو واضح لدينا من تحقق أصل الوجود خلافاً لأهل السفسطة؛ وذلك إمّا ببداهة أو ببرهان أو بحساب الاحتمالات أو بأيّ سبب من الأسباب التي رفضنا بها السوفسطائيّة، وعندئذ نقول: إنّ هذا الوجود إمّا هو واقع وعينيّ بذاته وبالاستقلال أو هو عين الربط والتعلق الذي لا يستغني عن الوجود المستقل لا لاستحالة الدور والتسلسل؛ بل لأنّ الفقير لا يغني الفقير وما ليس له وجود ذاتي لا يعطي وجوداً ربطياً وتعلقياً، فعلى كلا الحالين يثبت الوجود الذاتي الذي يكون بذاته طارداً لنقيضه وهو العدم فهو واجب الوجود.

وهذا المقدار من البيان يكفي لإثبات المقصود إن كان المقصود مجرّد إثبات واجب الوجود.

وأمّا لو قصد زائداً على ذلك نفي كون المادّة واجبة الوجود فيضاف إلى ما مضى أنّ الوجود الذاتي الذي يطرد العدم يطرد لا محالة كلّ حدّ من الحدود؛ لأنّ الحدود إنّما تكون بلحاظ ما يقابل الوجود من العدم، فإحساسنا في كلّ