المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

41

فاقداً لتلك الفعلية وناقصاً بلحاظها فكيف يوجدها؟!

 

البرهان الرابع ـ برهان الإمكان الوجودي

وهذا البرهان مبتن على أصالة الوجود، ويمكن تأليفه من أربع مقدمات ـ بعد التسليم بأصل الإيمان بالواقع الخارجي ورفض السوفسطائية، وهو مقدمة مفروضة في كلّ البراهين؛ ولذلك حذفناها منها ـ:

المقدّمة الاُولى: إنّ الارتباط بين كلّ شيئين في المألوف عبارة عن نوع علاقة بين أمرين مستقلين، أي أنّ أحدهما مستقل عن الآخر، فالرسّام مثلاً مستقلّ عن اللوحة وبينهما نوع علاقة وارتباط، وكذلك الكاتب بالقياس للقلم والمطالع بالنسبة للكتاب، والأسد بالنسبة لما طوّق به من سلسلة الحديد، وما إلى ذلك.

ولكنّه يستثنى من هذا القانون العام ارتباط واحد وهو الارتباط بين العلّة والمعلول الحقيقيين، أعني حينما يكون أصل وجود أحد الطرفين مديناً للطرف الآخر ـ كالوجودات الذهنية التي تخلقها نفوسنا ـ ففي هذا القسم يستحيل افتراض وجود مستقلّ للمعلول في مقابل العلّة كي تعرض عليهما علقة الربط كما في العلاقات الاُخرى؛ إذ لو كان الأمر كذلك لما كان أصل وجود المعلول منبثقاً من العلّة وهذا خلف، وبكلمة اُخرى: إن لم يفرض وجود المعلول في المرتبة السابقة على علقة العلّية والمعلولية فعلى ماذا عرضت هذه العلقة المفروض كونها ذات طرفين؟ وان فرض وجوده في المرتبة السابقة على هذه العلقة إذن كان مستقلاً عن العلّة وموجوداً بلا علّيّة، فانحصر الأمر في أن يفترض أنّ هذه العلقة ليست ذات طرفين بل لها طرف واحد وهو العلة، فالمعلول هو عين العلقة والربط ويكون وجوداً متقوّماً بوجود العلّة.