المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

40

على حدوثهن؟ فقال العالم(عليه السلام): إنّما نتكلم على هذا العالم الموضوع فلو رفعناه ووضعنا عالماً آخر كان لا شيء أدلّ على الحدث من رفعنا إيّاه ووضعنا غيره، ولكن اُجيبك من حيث قدّرت أن تلزمنا فنقول: إنّ الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنّه متى ضمّ شيء إلى مثله كان أكبر، وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم، كما أنّ في تغييره دخوله في الحدث، ليس لك وراءه شيء يا عبدالكريم. فانقطع وخزي»(1).

أقول: قوله(عليه السلام): «إنّ الأشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنّه متى ضمّ شيء إلى مثله كان أكبر، وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم ...» كأنّ المقصود به أننا لسنا بحاجة إلى فعلية التغيير، بل إذا أدركنا بعقولنا قابلية التغيير كفى ذلك لإثبات الحدوث؛ لأنّ القديم لا يقبل التغيير.

 

البرهان الثالث ـ برهان الحركة أو التغير

مضت ضمن البرهان الثاني الإشارة إلى إثبات الحركة الجوهرية أو التغير السطحي على أقل تقدير إلّا أننا كنّا ننظر إلى ذلك هناك كمقدّمة لإثبات حدوث المادّة؛ كي يصبح حدوث المادّة بدوره دليلاً على وجود الله تعالى، أمّا هنا فننظر إلى ذلك كدليل مباشر على وجود الله تعالى؛ لأنّ نفس الحركة أو التغير أمر حادث فيحتاج إلى محدث أي إلى محرّك ومغيّر، ولا يمكن أن يكون المحرّك أو المغيّر نفس المتحرّك أو المتغيّر؛ لأنّ الحركة أو التغير إن هما إلّا الخروج بالتدريج من القوّة إلى الفعل، والمتحرّك أو المتغير يكون قبل تحرّكه أو تغيرّه


(1) الكافي 1: 77، باب حدوث العالم وإثبات المحدث من كتاب التوحيد، ذيل الحديث 2.